تعليم لعباده كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم ويسلبون أذيالهم على ما يكون منهم ﴿ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ أي عرفت فيما بينكم بالنصح والأمانة فما حقي أن أُتهم. أو أنا لكم ناصح فيما أدعوكم إليه، أمين على ما أقول لكم لا أكذب فيه ﴿ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ أي خلفتموه في الأرض، أو جعلكم ملوكاً في الأرض قد استخلفكم فيها بعدهم ﴿ فِى الْخَلْقِ بَسْطَةً ﴾ فيما خلق من أجرامكم ذهاباً في الطول والبدانة. قيل : كان أقصرهم ستين ذراعاً، وأطولهم مائة ذراع ﴿ فَاذْكُرُواْ ءالآء اللَّهِ ﴾ في استخلافكم وبسطة أجرامكم وما سواهما من عطاياه. وواحد الآلاء ( إلى ) نحو إني وإناء، وضلع وأضلاع، وعنب وأعناب. فإن قلت :( إذ ) في قوله :﴿ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء ﴾ ما وجه انتصابه ؟ قلت : هو مفعول به وليس بظرف، أي اذكروا وقت استخلافكم.
! ٧ < ﴿ قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِى أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأايَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ٧٠ - ٧٢ ) قالوا أجئتنا لنعبد..... > >
﴿ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ﴾ أنكروا واستبعدوا اختصاص الله وحده بالعبادة، وترك دين الآباء. في اتخاذ الأصنام شركاء معه، حباً لما نشأوا عليه، وألفاً لما صادفوا آباءهم يتدينون به. فإن قلت : ما معنى المجىء في قوله :﴿ أَجِئْتَنَا ﴾ قلت : فيه أوجه : أن يكون لهود عليه السلام مكان معتزل عن قومه يتحنث فيه، كما كان يفعل رسول الله ﷺ بحراء قبل المبعث فلما أوحى إليه جاء قومه يدعوهم. وأن يريدوا به الاستهزاء، لأنهم كانوا يعتقدون أنّ الله تعالى لا يرسل إلاّ الملائكة، فكأنهم قالوا : أجئتنا من السماء كما يجيء الملك، وأن لا يريدوا حقيقة المجيء، ولكن التعرّض بذلك والقصد، كما يقال : ذهب يشمتني، ولا يراد حقيقة الذهاب، كأنهم قالوا : أقصدتنا لنعبد الله وحده وتعرّضت لنا بتكليف ذلك ؟ ﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ استعجال منهم للعذاب ﴿ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم ﴾ أي حق عليكم ووجب، أو قد نزل عليكم. جعل المتوقع الذي لا بدّ من نزوله بمنزلة الواقع. ونحوه قولك لمن طلب إليك بعض المطالب قد كان ذلك. وعن حسان ؛ أنّ ابنه عبد الرحمان لسعه زنبور وهو طفل، فجاء يبكي. فقال له يا بنيّ مالك ؟ قال : لسعني طوير كأنه ملتف في بردى حبرة، فضمه إلى صدره وقال له : يا بني، قد قلت الشعر.

__________


الصفحة التالية
Icon