اللام في القرى : إشارة إلى القرى التي دلّ عليها قوله :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ ﴾ ( الأعراف : ٩٤ ) كأنه قال : ولو أنّ أهل تلك القرى الذين كذبوا وأهلكوا ﴿ ءامَنُواْ ﴾ بدل كفرهم ﴿ وَاتَّقَوْاْ ﴾ المعاصي مكان ارتكابها ﴿ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالاْرْضِ ﴾ لآتيناهم بالخير من كل وجه. وقيل : أراد المطر والنبات ﴿ وَلَاكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ ﴾ بسوء كسبهم ويجوز أن تكون اللام في القرى للجنس. فإن قلت : ما معنى فتح البركات عليهم ؟ قلت : تيسيرها عليهم كما ييسر أمر الأبواب المستغلقة بفتحها. ومنه قولهم : فتحت على القارىء إذا تعذرت عليه القراءة فيسرتها عليه بالتلقين.
! ٧ < ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ > ٧ !
< < الأعراف :( ٩٧ ) أفأمن أهل القرى..... > > البيات يكون بمعنى البيتوتة. يقال : بات بياتاً. ومنه قوله تعالى :﴿ فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ ( الأعراف : ٤ ) وقد يكون بمعنى : التبييت، كالسلام بمعنى التسليم. يقال : بيته العدو بياتاً، فيجوز أن يراد : أن يأتيهم بأسنا بياتاً، أو وقت بيات، أو مبيتاً، أو مبيتين، أو يكون بمعنى تبييتاً، كأنه قيل : أن يبيتهم بأسنا بياتاً. و ﴿ ضُحًى ﴾ نصب على الظرف. يقال : أتانا ضحى، وضحيا، وضحاء والضحى في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت. والفاء والواو في ﴿ أَفَأَمِنَ ﴾ و ﴿ أَوَ أَمِنَ ﴾ حرفا عطف دخلت عليهما همزة الإنكار. فإن قلت : ما المعطوف عليه ؟ ولم عطفت الأولى بالفاء والثانية بالواو ؟ قلت : المعطوف عليه قوله :﴿ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾ وقوله :﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ﴾ ( الأعراف : ٩٦ ) إلى ﴿ يَكْسِبُونَ ﴾ وقع اعتراضاً بين المعطوف والمعطوف عليه، وإنما عطف بالفاء، لأنّ المعنى : فعلوا وصنعوا فأخذناهم بغتة أبعد ذلك من أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وأمنوا أن يأتيهم بأسنا ضحى ؟ وقرىء : أو أمن على العطف بأو ﴿ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ يشتغلون بما لا يجدي عليهم كأنهم يلعبون.
! ٧ < ﴿ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ٩٩ ) أفأمنوا مكر الله..... > >
فإن قلت : فلم رجع فعطف بالفاء قوله :﴿ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ ﴾ ؟ قلت : هو تكرير لقوله :﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى ﴾ ( الأعراف : ٩٧ ) ومكر الله : استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر، ولاستدراجه. فعلى العاقل أن يكون في خوفه من مكر الله، كالمحارب الذي يخاف من عدوّه الكمين والبيات والغيلة. وعن الربيع بن خثيم : أن ابنته قالت له : ما لي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام، فقال : يا بنتاه، إنّ أباك يخاف البيات، أراد قوله :﴿ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتاً ﴾ ( الأعراف : ٩٧ ).

__________


الصفحة التالية
Icon