﴿ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ﴾ ما مصدرية. والمعنى بعهده عندك وهو النبوّة والباء إمّا أن تتعلق بقوله :﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ﴾ على وجهين : أحدهما أسعفنا إلى ما نطلب إليك من الدعاء لنا بحق ما عندك من عهد الله وكرامته بالنبوّة. أو ادع الله لنا متوسلاً إليه بعهده عندك. وإمّا أن يكون قسماً مجاباً بلنؤمنن، أي أقسمنا بعهد الله عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك ﴿ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ ﴾ إلى حدّ من الزمن هم بالغوه لا محال فمعذبون فيه لا ينفعهم ما تقدم لهم من الإمهال وكشف العذاب إلى حلوله ﴿ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴾ جواب لما، يعني : فلما كشفناه عنهم فاجاؤوا النكث وبادروا لم يؤخروه ولكن كما كشف عنهم نكثوا ﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ فأردنا الانتقام منهم ﴿ فَأَغْرَقْنَاهُمْ ﴾. واليم : البحر الذي لا يدرك قعره. وقيل : هو لجة البحر ومعظم مائه، واشتقاقه من التيمم، لأن المستغفين به يقصدونه ﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ ﴾ أي كان إغراقهم بسبب تكذيبهم بالآيات وغفلتهم عنها وقلة فكرهم فيها.
! ٧ < ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الاٌّ رْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِى إِسْرءِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٣٧ ) وأورثنا القوم الذين..... > >
﴿ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ ﴾ هم بنو إسرائيل كان يستضعفهم فرعون وقومه. والأرض : أرض مصر والشام، ملكها بنو إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة، وتصرفوا كيف شاؤا في أطرافها ونواحيها الشرقية والغربية ﴿ بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ بالخصب وسعة الأرزاق ﴿ كَلِمَتُ رَبّكَ الْحُسْنَى ﴾ قوله :﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِى الاْرْضِ ﴾ إلى قوله :﴿ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ ﴾ ( القصص : ٦ ) والحسنى : تأنيث الأحسن صفة للكلمة. ومعنى تمت على بني إسرائيل : مضت عليهم واستمرت من قولك : تمَّ على الأمر إذا مضى عليه ﴿ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ بسبب صبرهم، وحسبك به حاثاً على الصبر، ودالاً على أنّ من قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه، ومن قابله بالصبر. وانتظار النصر ضمن الله له الفرج. وعن الحسن : عجبت ممن خف كيف خف، وقد سمع قوله. وتلا الآية. ومعنى خف : طاش جزعاً وقلة صبر، ولم يرزن رزانة أولي الصبر. وقرأ عاصم في رواية :( وتمت كلمات ربك الحسنى ) ونظيره ﴿ مِنْ ءايَاتِ رَبّهِ الْكُبْرَى ﴾ ( النجم : ١٨ ). ﴿ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ﴾ ما كانوا يعملون ويسوّون من العمارات وبناء القصور ﴿ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ ﴾ من الجنات ﴿ هُوَ الَّذِى أَنشَأَكُمْ * جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ ﴾ ( الأنعام : ١٤١ ) أو وما كانوا يرفعون من الأبنية المشيدة في السماء. كصرح هامان وغيره وقرىء :( يعرشون ) بالكسر والضم. وذكر اليزيدي أن الكسر أفصح. وبلغني أنه قرأ بعض الناس :( يغرسون ) من غرس الأشجار. وما أحسبه إلاّ تصحيفاً منه.