ويجوز أن يراد : يأخذوا بما أمروا به، دون ما نهوا عنه، على قولك : الصيف أحرّ من الشتاء ﴿ سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴾ يريد دار فرعون وقومه وهي مصر، كيف أقفرت منهم ودمّروا لفسقهم، لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم فينكل بكم مثل نكالهم. وقيل : منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكهم الله لفسقهم في ممرّكم عليها في أسفاركم. وقيل : دار الفاسقين : نار جهنم. وقرأ الحسن :( سأوريكم ) وهي لغة فاشية بالحجاز. يقال : أورني كذا، وأوريته. ووجهه أن تكون من أوريت الزند كأنَّ المعنى بيّنه لي وأنره لأستبينه وقرىء :( سأورثكم ) قراءة حسنة يصححها قوله :﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ ﴾ ( الأعراف : ١٣٧ ). ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ ءايَاتِي ﴾ بالطبع على قلوب المتكبرين وخذلانهم، فلا يفكرون فيها ولا يعتبرون بها، غفلة وانهماكاً فيما يشغلهم عنها من شهواتهم. وعن الفضيل بن عياض : ذكر لنا عن رسول الله ﷺ :
( ٣٩٩ ) ( إذا عظمت أمّتي الدنيا نزع عنها هيبة الإسلام، وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي ). وقيل : سأصرفهم عن إبطالها وإن اجتهدوا كما اجتهد فرعون أن يبطل آية موسى، بأن جمع لها السحرة، فأبى الله إلاَّ علو الحقّ وانتكاس الباطل. ويجوز : سأصرفهم عنها وعن الطعن فيها والاستهانة بها. وتسميتها سحراً بإهلاكهم. وفيه إنذار للمخاطبين من عاقبة الذين يصرفون عن الآيات لتكبرهم وكفرهم بها، لئلا يكونوا مثلهم فيسلك بهم سبيلهم ﴿ بِغَيْرِ الْحَقّ ﴾ فيه وجهان : أن يكون حالاً بمعنى يتكبرون غير محقين، لأن التكبر بالحقّ لله وحده. وأن يكون صلة لفعل التكبر، أي يتكبرون بما ليس بحق وما هم عليه من دينهم ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ﴾ من الآيات المنزلة عليهم ﴿ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ﴾ وقرأ مالك بن دينار :( وإن يروا ) بضم الياء. وقرىء :( سبيل الرشد ) و ( الرشد ) و ( الرشاد )، كقولهم : السقم والسقم والسقام. وما أسفه من ركب المفازة، فإن رأى طريقاً مستقيماً أعرض عنه وتركه، وإن رأى معتسفاً مردياً أخذ فيه وسلكه، ففاعل نحو ذلك في دينه أسفه ﴿ ذالِكَ ﴾ في محل الرفع أو النصب على معنى : ذلك الصرف بسبب تكذيبهم أو صرفهم الله ذلك الصرف بسبب ﴿ وَلِقَاء الاْخِرَةِ ﴾ يجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى المفعول به. أي ولقائهم الآخرة ومشاهدتهم أحوالها، ومن إضافة المصدر إلى الظرف بمعنى : ولقاء ما وعد الله في الآخرة.
! ٧ < { وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ فَى أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ

__________


الصفحة التالية
Icon