وهذا كلام التائبين، كما قال آدم وحواء عليهما السلام : وإن لم تغفر لنا وترحمنا.
! ٧ < ﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِن بَعْدِى أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِى وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى فَلاَ تُشْمِتْ بِىَ الأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلأَخِى وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَاحِمِينَ ﴾ > ٧ !
< < الأعراف :( ١٥٠ ) ولما رجع موسى..... > > الأسِف : الشديد الغضب ﴿ فَلَمَّا ءاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ ( الزخرف : ٥٥ ) وقيل : هو الحزين ﴿ خَلَفْتُمُونِى ﴾ قمتم مقامي وكنتم خلفائي من بعدي. وهذا الخطاب إما أن يكون لعبدة العجل من السامري وأشياعه أو لوجوه بني إسرائيل وهم هارون عليه السلام والمؤمنون منه. ويدلّ عليه قوله :﴿ اخْلُفْنِى فِى قَوْمِى ﴾ ( الأعراف : ١٤٢ ) والمعنى : بئس ما خلفتموني حيث عبدتم العجل مكان عبادة الله، أو حيث لم تكفوا من عبد غير الله. فإن قلت : أين ما تقتضيه بئس من الفاعل والمخصوص بالذم ؟ قلت : الفاعل مضمر يفسره ما خلفتموني. والمخصوص بالذم محذوف تقديره : بئس خلافة خلفتمونيها من بعد خلافتكم. فإن قلت : أي معنى لقوله :﴿ مِن بَعْدِى ﴾ بعد قوله :﴿ * خلقتموني ﴾ ؟ قلت : معناه من بعد ما رأيتم مني، من توحيد الله، ونفي الشركاء عنه، وإخلاص العبادة له. أو من بعد ما كنت أحمل بني إسرائيل على التوحيد. وأكفهم عما طمحت نحوه أبصارهم من عبادة البقر، حين قالوا :﴿ يامُوسَى اجْعَلْ لَّنَا إِلَاهًا كَمَا لَهُمْ ءالِهَةٌ ﴾ ( الأعراف : ١٢٨ ) ومن حق الخلفاء أن يسيروا بسيرة المستخلف من بعده ولا يخالفوه. ونحوه :﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ﴾ ( الأعراف : ١٦٩ ) أي من بعد أولئك الموصوفين بالصفات الحميدة يقال : عجل عن الأمر إذا تركه غير تام، ونقيضه تم عليه وأعجله عنه غيره، ويضمن معنى سبق فيتعدّى تعديته، فيقال عجلت الأمر، والمعنى أعجلتم عن أمر ربكم، وهو انتظار موسى حافظين لعهده وما وصاكم به، فبنيتم الأمر على أن الميعاد قد بلغ آخره ولن أرجع إليكم فحدَّثتم أنفسكم بموتي، فغيّرتم كما غيرت الأمم بعد أنبيائهم. وروي : أنّ السامري قال لهم حين أخرج لهم العجل وقال هذا إلاهكم وإلاه موسى : إنَّ موسى لن يرجع، وإنه قد مات وروي : أنهم عدّوا عشرين يوماً بلياليها فجعلوها أربعين، ثم أحدثوا ما أحدثوا ﴿ وَأَلْقَى الالْوَاحَ ﴾ وطرحها لما لحقه من فرط الدهش وشدّة الضجر عند استماعه حديث العجل، غضباً لله وحمية لدينه، وكان في نفسه حديداً شديد الغضب، وكان هارون ألين منه جانباً ولذلك كان أحبّ إلى بني إسرائيل من موسى. وروى : أنّ التوراة كانت سبعة أسباع، فلما ألقى الألواح تكسرت فرفع منها ستة أسباعها وبقي منها سبع واحد، وكان فيما رفع تفصيل كل شيء، والرحمة ﴿ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ ﴾ أي بشعر رأسه ﴿ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ﴾ بذؤابته وذلك لشدّة ما ورد عليه من الأمر