هم قردة، ففتحوا الباب ودخلوا عليهم فعرفت القرود أنسباءها من الأنس، والأنس لا يعرفون أنسباءهم من القرود، فجعل القرد يأتي نسيبه فيشم ثيابه ويبكي، فيقول : ألم ننهك فيقول برأسه : بلى، وقيل : صار الشباب قردة، والشيوخ خنازير. وعن الحسن : أكلوا والله أوخم أكلة أكلها أهلها، أثقلها خزياً في الدنيا وأطولها عذاباً في الآخرة، هاه وايم الله، ما حوتٌ أخذه قوم فأكلوه أعظم عند الله من قتل رجل مسلم. ولكن الله جعل موعداً، والساعة أدهى وأمرّ ﴿ بَئِيسٍ ﴾ شديد. يقال : بؤس يبؤس بأساً، إذا اشتدّ، فهو بئيس. وقرىء :( بئس )، بوزن حَذِر. وبئس على تخفيف العين ونقل حركتها إلى الفاء. كما يقال : كبد في كبد. وبيس على قلب الهمزة ياء، كذيب في ذئب، وبيئس على فيعل، بكسر الهمزة وفتحها، وبيس بوزن ريس، على قلب همزة بيئس ياء وإدغام الياء فيها، وبيس على تخفيف بيس، كهين في هين. وبائس على فاعل ﴿ فَلَمَّا عَتَوْاْ * عَمَّا * نُهُواْ عَنْهُ ﴾ فلما تكبروا عن ترك ما نهوا عنه، كقوله :﴿ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ ﴾ ( الأعراف : ٧٧ )، ﴿ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً ﴾ عبارة عن مسخهم قردة، كقوله :﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ ( يس : ٨٢ ) والمعنى : أنّ الله تعالى عذبهم أوّلاً بعذاب شديد، فعتوا بعد ذلك فمسخهم. وقيل : فلما عتوا، تكرير لقوله :﴿ فَلَمَّا نَسُواْ ﴾ والعذاب البئيس : هو المسخ.
! ٧ < ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٦٧ ) وإذ تأذن ربك..... > >
﴿تَأَذَّنَ رَبُّكَ ﴾ عزم ربك، وهو تفعل من الإيذان وهو الإعلام ؛ لأنّ العازم على الأمر يحدّت نفسه به ويؤذنها بفعله، وأجرى مجرى فعل القسم، كعلم الله، وشهد الله. ولذلك أجيب بما يجاب به القسم وهو قوله :﴿ لَيَبْعَثَنَّ ﴾ والمعنى : وإذ حتم ربك وكتب على نفسه ليبعثنَّ على اليهود ﴿ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوء الْعَذَابِ ﴾ فكانوا يؤدّون الجزية إلى المجوس، إلى أن بعث الله محمداً ﷺ فضربها عليهم، فلا تزال مضروبة عليهم إلى آخر الدهر. ومعنى ليبعثن عليهم ليسلطنّ عليهم، كقوله : بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد.
! ٧ < ﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الاٌّ رْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذالِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَاذَا الاٌّ دْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الاٌّ خِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٦٨ - ١٦٩ ) وقطعناهم في الأرض..... > >
﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الاْرْضِ أُمَمًا ﴾ وفرّقناهم فيها، فلا يكاد يخلوا بلد من فرقة منهم ﴿ مّنْهُمُ الصَّالِحُونَ ﴾ الذين آمنوا منهم بالمدينة، أو الذين وراء الصين ﴿ وَمِنْهُمْ دُونَ ذالِكَ ﴾ ومنهم ناس دون ذلك الوصف منحطون عنه، وهم الكفرة والفسقة. فإن قلت : ما محل

__________


الصفحة التالية
Icon