لوجب أن يقال : ولو شئنا لرفعناه ولكنا لم نشأ ﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ﴾ فصفته التي هي مثل في الخسّة والضعة كصفة الكلب في أخسّ أحواله وأذلها وهي حال دوام اللهث به واتصاله، سواء حمل عليه أي شدّ عليه وهيج فطرد أو ترك غير متعرّض له بالحمل عليه. وذلك أنّ سائر الحيوان لا يكون منه اللهث إلاّ إذا هيج منه وحرّك، وإلاّ لم يلهث، والكلب يتصل لهثه في الحالتين جميعاً، وكان حق الكلام أن يقال : ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض فحططناه ووضعنا منزلته، فوضع قوله ﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ﴾ موضع حططناه أبلغ حط لأن تمثيله بالكلب في أحسن أقواله وأذلها في معنى ذلك. وعن ابن عباس رضي الله عنه، الكلب منقطع الفؤاد، يلهث إن حمل عليه أو لم يحمل عليه. وقيل : معناه إن وعظته فهو ضال وإن لم تعظه فهو ضال، كالكلب إن طردته فسعى لهث، وإن تركته على حاله لهث. فإن قلت : ما محل الجملة الشرطية ؟ قلت : النصب على الحال، كأنه قيل : كمثل الكلب ذليلاً دائم الذلة لاهثاً في الحالتين. وقيل : لما دعا بلعم على موسى عليه السلام خرج لسانه فوقع على صدره، وجعل يلهث كما يلهث الكلب ﴿ ذالِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِثَايَاتِنَا ﴾ من اليهود بعد ما قرؤا نعت رسول الله ﷺ في التوراة، وذكر القرآن المعجز وما فيه، وبشروا الناس باقتراب مبعثه، وكانوا يستفتحون به ﴿ فَاقْصُصِ ﴾ قصص بلعم الذي هو نحو قصصهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ فيحذرون مثل عاقبته، إذا ساروا نحو سيرته، وزاغوا شبه زيغه، ويعلمون أنك علمته من جهة الوحي فيزدادوا إيقاناً بك وتزداد الحجة لزوماً لهم.
! ٧ < ﴿ سَآءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأايَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٧٧ ) ساء مثلا القوم..... > >
﴿ سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ ﴾ أي مثل القوم. أو ساء أصحاب مثل القوم. وقرأ الجحدري :( ساء مثل القوم ). ﴿ وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ ﴾ إما أن يكون معطوفاً على كذبوا، فيدخل في حيز الصلة بمعنى : الذين جمعوا بين التكذيب، بآيات الله وظلم أنفسهم. وإما أن يكون كلاماً منقطعاً عن الصلة، بمعنى : وما ظلموا إلاّ أنفسهم بالتكذيب، وتقديم المفعول به للاختصاص، كأنه قيل : وخصّوا أنفسهم بالظلم لم يتعدّها إلى غيرها.
! ٧ < ﴿ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِى وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٧٨ ) من يهد الله..... > >
﴿ فَهُوَ الْمُهْتَدِى ﴾ حمل على اللفظ. و ﴿ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ حمل على المعنى.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَائِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَائِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٧٩ ) ولقد ذرأنا لجهنم..... > >