والتنقير عنه، استحكم علمه فيه ورصن وهذا التركيب معناه المبالغة. ومنه إحفاء الشارب. إحتفاء البقل : استئصاله. وأحفى في المسئلة، إذا ألحف وحفي بفلان وتحفى به : بالغ في البرّ به. وعن مجاهد : استحفيت عنها السؤال حتى علمت. وقرأ ابن مسعود :( كأنك حفيّ بها ) أي عالم بها بليغ في العلم بها. وقيل :﴿ عَنْهَا ﴾ متعلق بيسئلونك : أي يسئلونك عنها كأنك حفيّ أي عالم بها. وقيل : إن قريشاً قالوا له إن بيننا وبينك قرابة، فقل لنا متى الساعة ؟ فقيل : يسئلونك عنها كأنك حفيّ تتحفى بهم فتختصهم بتعليم وقتها لأجل القرابة وتزوي علمها عن غيرهم، ولو أخبرت بوقتها لمصلحة عرفها الله في إخبارك به، لكنت مبلغه القريب والبعيد من غير تخصيص، كسائر ما أوحي إليك. وقيل : كأنك حفيّ بالسؤال عنها تحبه وتؤثره، يعني أنك تكره السؤال عنها لأنها من علم الغيب الذي استأثر الله به ولم يؤته أحداً من خلقه. فإن قلت : لم كرر يسئلونك وإنما علمها عند الله ؟ قلت : للتأكيد، ولما جاء به من زيادة قوله :﴿ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا ﴾ وعلى هذا تكرير العلماء الحذاق في كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة زائدة، منهم محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمهما الله ﴿ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أنه العالم بها، وأنه المختص بالعلم بها.

__________


الصفحة التالية
Icon