ْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ } من تدعون. ثم بكتهم بقوله :﴿ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ ﴾ بمعنى أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضرّ، أم تدعون الله دونها ﴿ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ ﴾ بل تخصونه بالدعاء دون الآلهة ﴿ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ ﴾ أي ما تدعون إلى كشفه ﴿ إِن شَاء ﴾ إن أراد أن يتفضل عليكم ولم يكن مفسدة ﴿ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴾ وتتركون آلهتكم أو لا تذكرونها في ذلك الوقت : لأن أذهانكم في ذلك الوقت مغمورة بذكر ربكم وحده، إذ هو القادر على كشف الضرّ دون غيره، ويجوز أن يتعلق الاستخبار بقوله :﴿ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ ﴾ كأنه قيل : أغير الله تدعون إن أتاكم عذاب الله. فإن قلت : إن علقت الشرط به فما تصنع بقوله :﴿ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ ﴾ مع قوله :﴿ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ ﴾ وقوارع الساعة لا تكشف عن المشركين ؟ قلت : قد اشترط في الكشف المشيئة، وهو قوله :﴿ إِن شَاء ﴾ إيذاناً بأنه إن فعل كان له وجه من الحكمة، إلا أنه لا يفعل لوجه آخر من الحكمة أرجح منه.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَاكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ > ٧ !
< < الأنعام :( ٤٢ ) ولقد أرسلنا إلى..... > > البأساء، والضراء : البؤس، والضر. وقيل : البأساء : القحط والجوع. والضراء : المرض ونقصان الأموال والأنفس. والمعنى : ولقد أرسلنا إليهم الرسل فكذبوهم فأخذناهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ يتذللون ويتخشعون لربهم ويتوبون عن ذنوبهم ﴿ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ ﴾ معناه : نفي التّضرع، كأنه قيل : فلم يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا. ولكنه جاء بلولا ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم وقسوة قلوبهم، وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم ﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ ﴾ من البأساء والضراء : أي تركوا الاتعاظ به ولم ينفع فيهم ولم يزجرهم ﴿ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء ﴾ من الصحة والسعة وصنوف النعمة، ليزاوج عليهم بين نوبتي الضراء والسراء، كما يفعل الأب المشفق بولده يخاشنه تارة ويلاطفه أخرى، طلباً لصلاحه ﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ ﴾ من الخير والنعم، لم

__________


الصفحة التالية
Icon