العهد ﴿ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ ﴾ على مثله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ يعني أن التربص بهم من أعمال المتقين ﴿ كَيْفَ ﴾ تكرار لاستبعاد ثبات المشركين على العهد، وحذف الفعل لكونه معلوماً كما قال :% ( وَخَبَّرْتُمَانِي أَنَّمَا الْمَوْتُ بِالْقُرَى % فَكَيْف وَهَاتَا هَضْبَة وَقَليبُ ) %
يريد : فكيف مات. أي : كيف يكون لهم عهد ﴿ * و ﴾ حالهم أنهم ﴿ إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ ﴾ بعد ما سبق لهم من تأكيد الأيمان والمواثيق، لم ينظروا في حلف ولا عهد ولم يبقوا عليكم ﴿ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ ﴾ لا يراعوا حلفاً. وقيل : قرابة. وأنشد لحسان رضي الله عنه :% ( لَعَمْرُكَ إنَّ إلَّكَ مِنْ قُرَيْش % كَإلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأَلِ النَّعَامِ ) %
وقيل :﴿ إِلاًّ ﴾ إلاهاً وقرىء :( إيلا )، بمعناه وقيل : جبرئيل، وجبرئل، من ذلك. وقيل : منه اشتق الآل بمعنى القرابة، كما اشتقت الرحم من الرحمان، والوجه ان اشتقاق الإلّ بمعنى الحلف، لأنهم إذا تماسحوا وتحالفوا رفعوا به أصواتهم وشهروه، من الأل وهو الجؤار، وله أليل : أي أنين يرفع به صوته. ودعت ألليها : إذا ولولت، ثم قيل لكل عهد وميثاق : إلّ. وسميت به القرابة، لأن القرابة عقدت بين الرجلين ما لا يعقده الميثاق ﴿ يُرْضُونَكُم ﴾ كلام مبتدأ في وصف حالهم من مخالفة الظاهر الباطن، مقرّر لاستبعاد الثبات منهم على العهد. وإباء القلوب مخالفة ما فيها من الأضغان، لما يجرونه على ألسنتهم من الكلام الجميل ﴿ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ متمرّدون خلعاء لا مروءة تزعهم، ولا شمائل مرضية تردعهم، كما يوجد ذلك في بعض الكفرة، من التفادي عن الكذب والنكث، والتعفف عما يثلم العرض ويجرّ أحدوثة السوء.