من حذف تاء التأنيث، وتعويض المضاف إليه منها. وقرىء :( عِدة ) بكسر العين بغير إضافة، و ( عدة ) بإضافة. فإن قلت : كيف موقع حرف الاستدراك ؟ قلت : لما كان قوله :﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ ﴾ معطياً معنى نفي خروجهم واستعدادهم للغزو. قيل :﴿ وَلَاكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ ﴾ كأنه قيل : ما خرجوا ولكن تثبطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم، كما تقول : ما أحسن إليَّ زيد، ولكن أساء إليّ ﴿ فَثَبَّطَهُمْ ﴾ فكسلهم وخذلهم وضعف رغبتهم في الانبعاث ﴿ وَقِيلَ اقْعُدُواْ ﴾ جعل إلقاء الله في قلوبهم كراهة الخروج أمراً بالقعود. وقيل : هو قول الشيطان بالوسوسة. وقيل : هو قولهم لأنفسهم. وقيل : هو إذن رسول الله ﷺ لهم في القعود. فإن قلت : كيف جاز أن يوقع الله تعالى في نفوسهم كراهة الخروج إلى الغزو وهي قبيحة، وتعالى الله عن إلهام القبيح ؟ قلت : خروجهم كان مفسدة، لقوله :﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ﴾ فكان إيقاع كراهة ذلك الخروج في نفوسهم حسناً ومصلحة. فإن قلت : فلم خطأ رسول الله ﷺ في الأذن لهم فيما هو مصلحة ؟ قلت : لأنّ إذن رسول الله ﷺ لهم لم يكن للنظر في هذه المصلحة ولا علمها إلا بعد القفول بإعلام الله تعالى، ولكن لأنهم استأذنوه في ذلك واعتذروا إليه، فكان عليه أن يتفحص عن كنه معاذيرهم ولا يتجوّز في قبولها، فمن ثم أتاه العقاب ويجوز أن يكون في ترك رسول الله ﷺ الإذن لهم مع تثبيط الله إياهم مصلحة أخرى، فبإذنه لهم فقدت تلك المصلحة، وذلك أنهم إذا ثبطهم الله فلم ينبعثوا وكان قعودهم بغير إذن من رسول الله ﷺ قامت عليهم الحجّة ولم تبق لهم معذرة. ولقد تدارك الله ذلك حيث هتك أستارهم وكشف أسرارهم وشهد عليهم بالنفاق، وأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر. فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ ؟ قلت : هو ذمّ لهم وتعجيز، وإلحاق بالنساء والصبيان والزمني الذين شأنهم القعود والجثوم في البيوت، وهم القاعدون والخالفون والخوالف، ويبينه قوله تعالى :﴿ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوالِفِ ﴾ ( التوبة : ٨٧، ٩٣ ). ﴿ إِلاَّ خَبَالاً ﴾ ليس من