﴿ إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ﴾ إلاّ إحدى العاقبتين اللتين كل واحدة منهما هي حسن العواقب، وهما النصرة والشهادة ﴿ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ ﴾ إحدى السوأتين من العواقب، إمّا ﴿ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مّنْ عِندِهِ ﴾ وهو قارعة من السماء كما نزلت على عاد وثمود ﴿ أَوْ ﴾ بعذاب ﴿ بِأَيْدِينَا ﴾ وهو القتل على الكفر ﴿ فَتَرَبَّصُواْ ﴾ بنا ما ذكرنا من عواقبنا ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبّصُونَ ﴾ ما هو عاقبتكم، فلا بدّ أن يلقي كلنا ما يتربصه لا يتجاوزه.
! ٧ < ﴿ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ٥٣ ) قل أنفقوا طوعا..... > > ﴿أَنفَقُواْ ﴾ يعني في سبيل الله ووجوه البر ﴿ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ﴾ نصب على الحال، أي طائعين أو مكرهين. فإن قلت : كيف أمرهم بالإنفاق ثم قال :﴿ لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ﴾ ؟ قلت : هو أمر في معنى الخبر، كقوله تبارك وتعالى :﴿ قُلْ مَن كَانَ فِى الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَانُ مَدّاً ﴾ ( مريم : ٧٥ ) ومعناه : لن يتقبل منكم أنفقتم طوعاً أو كرهاً. ونحوه قوله تعالى :﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ ( التوبة : ٨٠ ) وقوله :
أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لاَ مَلُومَةً
أي لن يغفر الله لهم، استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، ولا نلومك أسأت إلينا أم أحسنت. فإن قلت : متى يجوز نحو هذا ؟ قلت : إذا دلّ الكلام عليه كما جاز عكسه في قولك : رحم الله زيداً وغفر له، فإن قلت : لم فعل ذلك ؟ قلت : لنكته فيه، وهي أنّ كثيراً كأنه يقول لعزة : امتحني لطف محلك عندي وقوّة محبتي لك، وعامليني بالإساءة. والإحسان، وانظري هل يتفاوت حالي معك مسيئة كنت أو محسنة ؟ وفي معناه قول القائل :% ( أَخُوكَ الَّذِي إنْ قُمْتَ بِالسَّيْفِ عَامِدا % لِتَضْرِبَهُ لَمْ يَسْتَفِثَّكَ فِي الْوُدِّ ) %
وكذلك المعنى : أنفقوا وانظروا هل يتقبل منكم ؟ واستغفر لهم أو لا تستغفر لهم، وانظر هل ترى اختلافاً بين حال الاستغفار وتركه ؟ فإن قلت : ما الغرض في نفي التقبل ؟ أهو ترك رسول الله ﷺ تقبله منهم وردّه عليهم ما يبذلون منه ؟ أم هو كونه غير مقبول عند الله تعالى ذاهباً هباء لا ثواب له ؟ قلت : يحتمل الأمرين جميعاً. وقوله :﴿ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ﴾ معناه طائعين من غير إلزام من الله ورسوله، أو ملزمين. وسمي الإلزام إكراهاً، لأنهم

__________


الصفحة التالية
Icon