وأمره بتقريبهم وإكرامهم، وأن لا يطيع فيهم من أراد بهم خلاف ذلك، وأثنى عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم أي عبادته ويواظبون عليها، والمراد بذكر الغداة والعشي : الدوام. وقيل معناه : يصلون صلاة الصبح والعصر، ووسمهم بالإخلاص في عبادتهم بقوله :﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ والوجه يعبر به عن ذات الشيء وحقيقته. روى :
( ٣٧٦ ) أن رؤساً من المشركين قالوا لرسول الله ﷺ : لو طردت عنا هؤلاء الأعبد يعنون فقراء المسلمين، وهم عمار وصهيب وبلال وخباب وسلمان وأضرابهم رضوان الله عليهم وأرواح جبابهم وكانت عليهم جباب من صوف جلسنا إليك وحادثناك، فقال عليه الصلاة والسلام : ما أنا بطارد المؤمنين. فقالوا : فأقمهم عنا إذا جئنا، فإذا قمنا فأقعدهم معك إن شئت. فقال : نعم، طمعاً في إيمانهم. وروي أن عمر رضي الله عنه قال : لو فعلت حتى ننظر إلى ما يصيرون. قال فاكتب بذلك كتاباً، فدعا بصحيفة وبعليّ رضي الله عنه ليكتب. فنزلت. فرمى بالصحيفة، واعتذر عمر من مقالته.
( ٣٧٧ ) قال سلمان وخباب : فينا نزلت فكان رسول الله ﷺ يقعد معنا ويدنو منا حتى تمس ركبتنا ركبته. وكان يقون عنا إذا أراد القيام فنزلت :﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾ فترك القيام عنا إلى أن نقوم عنه وقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمّتي. معكم المحيا ومعكم الممات ﴿ وَمَا عَلَيْكَ * مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء ﴾ كقوله :﴿ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبّى ﴾ ( الشعراء : ١١٣ ) وذلك أنهم طعنوا في