وصحّ ذلك لأن المعنى يقود إليه. ويجوز أن تكون الضمائر للمنافقين ؛ لأن السورة إذا نزلت في معناهم فهي نازلة عليهم. ومعنى تنبئهم بما في قلوبهم كأنها تقول لهم : في قلوبكم كيت وكيت، يعني أنها تذيع أسرارهم عليهم حتى يسمعوها مذاعة منتشرة فكأنها تخبرهم بها. وقيل : معنى يحذر : الأمر بالحذر، أي ليحذر المنافقون. فإن قلت : الحذر واقع على إنزال السورة في قوله :﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ ﴾ فما معنى قوله :﴿ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ﴾ ؟ قلت : معناه محصل مبرز إنزال السورة. أو أنّ الله مظهر ما كنتم تحذرونه، أي تحذرون إظهاره من نفاقكم.
! ٧ < ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾ > ٧ !
( ٤٧٠ ) < < التوبة :( ٦٥ ) ولئن سألتهم ليقولن..... > > بينا رسول الله ﷺ يسير في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا : انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتتح قصور الشام وحصونه، هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه عليه السلام على ذلك فقال : احبسوا عليّ الركب، فأتاهم فقال : قلتم كذا وكذا، فقالوا : يا نبي الله لا والله ما كنا في شيء من أمرك ولا من أمر أصحابك، ولكن كنا في شيء مما يخوض فيه الركب ليقصر بعضنا على بعض السفر ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا ﴾ لم يعبأ باعتذارهم لأنهم كانوا كاذبين فيه، فجعلوا كأنهم معترفون باستهزائهم، وبأنه موجود منهم، حتى وبخوا بأخطائهم موقع الاستهزاء، حيث جعل المستهزأ به يلي حرف التقرير، وذلك إنما يستقيم بعد وقوع الاستهزاء وثبوته ﴿ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ﴾ لا تشتغلوا باعتذاراتكم الكاذبة، فإنها لا تنفعكم بعد ظهور سركم ﴿ قَدْ كَفَرْتُمْ ﴾ قد ظهر كفركم باستهزائكم ﴿ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ بعد إظهاركم الإيمان ﴿ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مّنْكُمْ ﴾ بإحداثهم التوبة وإخلاصهم الإيمان بعد النفاق ﴿ نُعَذّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾ مصرين على النفاق غير تائبين منه. أو أن تعف عن طائفة منكم لم يؤذوا رسول الله ﷺ يستهزؤوا فلم نعذبهم في العاجل نعذب في العاجل طائفة بأنهم كانوا مجرمين مؤذين لرسول الله ﷺ مستهزئين. وقرأ مجاهد : إن تعف عن طائفة على البناء للمفعول مع التأنيث، والوجه التذكير : لأنّ المسند إليه الظرف، كما تقول : سير بالدابة. ولا تقول : سيرت بالدابة، ولكنه ذهب إلى المعنى، كأنه قيل : إن ترحم طائفة، فأنث لذلك وهو غريب، والجيد قراءة العامّة : إن يعف عن طائفة، بالتذكير. وتعذب طائفة، بالتأنيث.