بإضمار ( لم أر ) وقوله :﴿ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً ﴾ تفسير لتشبيههم بهم، وتمثيل فعلهم بفعلهم. والخلاق : النصيب وهو ما خلق للإنسان، أي قدّر من خير، كما قيل له ( قسم ) لأنه قسم. ونصيب، لأنه نصب، أي أثبت. والخوض : الدخول في الباطل واللهو ﴿ كَالَّذِي خَاضُواْ ﴾ كالفوج الذي خاضوا، وكالخوض الذي خاضوه. فإن قلت : أي فائدة في قوله :﴿ فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلَاقِهِمْ ﴾ وقوله :﴿ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ ﴾ مغن عنه كما أغنى قوله :﴿ الَّذِى * خَاضُواْ ﴾ عن أن يقال : وخاضوا فخضتم كالذي خاضوا ؟ قلت : فائدته أن يذمّ الأوّلين بالاستمتاع بما أوتوا من حظوظ الدنيا ورضاهم بها، والتهائم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة وطلب الفلاح في الآخرة، وأن يخسس أمر الاستمتاع ويهجن أمر الرضى به، ثم يشبه بعد ذلك حال المخاطبين بحالهم، كما تريد أن تنبه بعض الظلمة على سماجة فعله فتقول : أنت مثل فرعون، كان يقتل بغير جرم ويعذب ويعسف وأنت تفعل مثل فعله. وأما ﴿ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ ﴾ فمعطوف على ما قبله مستند إلى مستغن باستناده إليه عن تلك التقدمة ﴿ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ ﴾ نقيض قوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ﴾ ( العنكبوت : ٢٧ ).
! ٧ < ﴿ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَاكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ٧٠ ) ألم يأتهم نبأ..... > > ﴿ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ ﴾ وأهل مدين وهم قوم شعيب ﴿ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ﴾ مدائن قوم لوط. وقيل : قريات قوم لوط وهود وصالح. وائتفاكهنّ : انقلاب أحوالهنّ عن الخير إلى الشر ﴿ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ فما صحّ منه أن يظلمهم وهو حكيم لا يجوز عليه القبيح وأن يعاقبهم بغير جرم، ولكن ظلموا أنفسهم حيث كفروا به فاستحقوا عقابه.
! ٧ < ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَواةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَواةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَائِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ٧١ ) والمؤمنون والمؤمنات بعضهم..... > > ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ﴾ في مقابلة قوله في المنافقين :﴿ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ ﴾. ﴿ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ﴾ السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة، فهي تؤكد الوعد، كما تؤكد الوعيد في قولك : سأنتقم منك يوماً، تعني أنك لا تفوتني وإن تباطأ ذلك، ونحوه ﴿ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدّاً ﴾ ( مريم : ٩٦ )، ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ ( الضحى : ٥ )، ﴿ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ﴾ ( النساء : ١٥٢ ). ﴿ عَزِيزٌ ﴾ غالب على كل شيء قادر عليه، فهو يقدر على