وقرىء :( إنه ) فإنه بالكسر على الاستئناف كأن الرحمة استفسرت فقيل :﴿ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ ﴾ وبالفتح على الإبدال من الرحمة ﴿ بِجَهَالَةٍ ﴾ في موضع الحال، أي عمله وهو جاهل. وفيه معنيان، أحدهما : أنه فاعل فعل الجهلة لأنّ من عمل ما يؤدي إلى الضرر في العاقبة وهو عالم بذلك أو ظانّ فهو من أهل السفه والجهل، لا من أهل الحكمة والتدبير. ومنه قول الشاعر :% ( عَلَى أَنَّهَا قَالَتْ عَشِيَّةَ زُرْتُهَا % جَهِلْتَ عَلَى عَمْدٍ وَلَمْ تَكُ جَاهِلا ) %
والثاني : أنه جاهل بما يتعلق به من المكروه والمضرة. ومن حق الحكيم أن لا يقدم على شيء حتى يعلم حاله وكيفيته. وقيل : إنها نزلت في عمر رضي الله عنه حين أشار بإجابة الكفرة إلى ما سألوا ولم يعلم أنها مفسدة.
! ٧ < ﴿ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الاٌّ يَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ > ٧ !
< < الأنعام :( ٥٥ ) وكذلك نفصل الآيات..... > > وقرىء :( ولتستبين ) بالتاء والياء مع رفع السبيل لأنها تذكر وتؤنث. وبالتاء على خطاب الرسول مع نصب السبيل. يقال : استبان الأمر وتبين واستبنته وتبينته. والمعنى : ومثل ذلك التفصيل البين نفصل آيات القرآن ونلخصها في صفة أحوال المجرمين. من هو مطبوع على قلبه لا يرجى إسلامه، ومن يرى فيه إمارة القبول وهو الذي يخاف إذا سمع ذكر القيامة، ومن دخل في الإسلام إلا أنه لا يحفظ حدوده، ولتستوضح سبيلهم فتعامل كلاً منهم بما يجب أن يعامل به، فصلنا ذلك التفصيل.
! ٧ < ﴿ قُلْ إِنِّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ * قُلْ إِنِّى عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ * قُل لَّوْ أَنَّ عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِىَ الاٌّ مْرُ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ﴾ > ٧ !
﴿ < < الأنعام :( ٥٦ ) قل إني نهيت..... > > نُهِيتُ ﴾ صرفت وزجرت، بما ركب فيّ من أدلة العقل، وبما أوتيت من أدلة السمع عن عبادة ما تعبدون ﴿ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ وفيه استجهال لهم ووصف بالاقتحام فيما كانوا فيه على غير بصيرة ﴿ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ ﴾ أي لا أجري في طريقتكم التي سلكتموها في دينكم من اتباع الهوى دون اتباع الدليل، وهو بيان للسبب الذي منه وقعوا في الضلال، وتنبيه لكل من أراد إصابة الحق ومجانبة الباطل ﴿ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً ﴾ أي إن اتبعت أهواءكم فأنا ضال وما أنا من الهدى في شيء يعني أنكم كذلك. ولما نفي أن يكون الهوى متبعاً نبه على ما يجب

__________


الصفحة التالية
Icon