( ٤٨٨ ) كانوا عشرة، فسبعة منهم أوثقوا أنفسهم : بلغهم ما نزل في المتخلفين فأيقنوا بالهلاك، فأوثقوا أنفسهم على سواري المسجد، فقدم رسول الله ﷺ، فدخل المسجد فصلى ركعتين وكانت عادته ﷺ كلما قدم من سفر فرآهم موثقين، فسأل عنهم، فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلوا أنفسهم حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يحلهم، فقال : وأنا أقسم أن لا أحلّهم حتى أومر فيهم، فنزلت، فأطلقهم وعذرهم، فقالوا : يا رسول الله، هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها وطهرنا، فقال : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً، فنزلت : خذ من أموالهم ﴿ عَمَلاً صَالِحاً ﴾ خروجاً إلى الجهاد ﴿ وَءاخَرُونَ اعْتَرَفُواْ ﴾ تخلفاً عنه. عن الحسن وعن الكلبي : التوبة والإثم. فإن قلت : قد جعل كل واحد منهما مخلوطاً فما المخلوط به ؟ قلت : كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به ؛ لأنّ المعنى خلط كل واحد منهما الآخر، كقولك : خلطت الماء واللبن، تريد : خلطت كل واحد منهما بصاحبه. وفيه ما ليس في قولك : خلطت الماء باللبن ؛ لأنّك جعلت الماء مخلوطاً واللبن مخلوطاً به، وإذا قلته بالواو وجعلت الماء واللبن مخلوطين ومخلوطاً بهما، كأنك قلت : خلطت الماء باللبن واللبن بالماء، ويجوز أن يكون من قولهم : بعت الشاة شاة ودرهماً، بمعنى شاة بدرهم. فإن قلت : كيف قيل :﴿ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ وما ذكرت توبتهم ؟ قلت : إذا ذكر اعترافهم بذنوبهم، وهو دليل على التوبة، فقد ذكرت توبتهم.