يأتيهم فأتاهم فصلى فيه فحسدتهم إخوتهم بنو غنم بن عوف وقالوا : نبني مسجداً ونرسل إلى رسول الله ﷺ يصلّي فيه، ويصلّي فيه أبو عمار الراهب إذا قدم من الشام، ليثبت لهم الفضل والزيادة على إخوتهم، وهو الذي سماه رسول الله ﷺ الفاسق، وقال لرسول الله ﷺ يوم أُحد : لا أجد قوماً يقاتلونك إلا قاتلتك معهم، فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن خرج هارباً إلى الشام، وأرسل إلى المنافقين. أن استعدّوا بما استطعتم من قوة وسلاح، فإني ذاهب إلى قيصر وآت بجنود ومخرج محمداً وأصحابه من المدينة، فبنوا مسجداً بجنب مسجد قباء، وقالوا للنبي ﷺ : بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية، ونحن نحبّ أن تصلّي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة، فقال ﷺ : إني على جناح سفر وحال شغل. وإذا قدمنا إن شاء الله صلّينا فيه، فلما قفل من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجد، فنزلت عليه، فدعا بمالك بن الدخشم ومعن بن عديّ وعامر بن السكن ووحشي قاتل حمزة، فقال لهم : انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه، ففعلوا، وأمر أن يتخذ مكانه كناسة تلقى فيها الجيف والقمامة، ومات أبو عامر بالشام بقنسرين ﴿ ضِرَارًا ﴾ مضارْة لإخوانهم أصحاب مسجد قباء ومعازة ﴿ وَكُفْراً ﴾ وتقوية للنفاق ﴿ وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ لأنهم كانوا يصلون مجتمعين في مسجد قباء فيغتص بهم، فأرادوا أن يتفرقوا عنه وتختلف كلمتهم ﴿ وَإِرْصَادًا ﴾ وإعداداً ﴿ * ل ﴾ أجل ﴿ مِنْ * حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ وهو الراهب : أعدوه له ليصلّي فيه ويظهر على رسول الله ﷺ. وقيل : كل مسجد بني مباهاة أو رياء وسمعة أو لغرض سوى ابتغاء وجه الله أو بمال غير طيب، فهو لاحق بمسجد الضرار. وعن شقيق أنه لم يدرك الصلاة في مسجد بني عامر ؛ فقيل له : مسجد بني فلان لم يصلوا فيه بعد، فقال : لا أحبّ أن أصلّي فيه، فإنّه بني على ضرار، وكل مسجد بني على ضرار أو رياء أو سمعة فإنّ أصله ينتهي إلى المسجد الذي بنى ضراراً. وعن عطاء : لما فتح الله تعالى الأمصار على يد عمر رضي الله عنه أمر المسلمين أن يبنوا المساجد وأن لا يتخذوا في مدينة مسجدين يضارّ أحدهما صاحبه، فإن قلت :﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ ﴾ ما محله من الإعراب ؟ قلت : محله النصب على الاختصاص. كقوله :﴿ إِلَى الصَّلَواةِ ﴾ ( النساء : ١٦٢ ) وقيل : هو مبتدأ خبره محذوف، معناه : وفيمن وصفنا الذين اتخذوا كقوله :﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ﴾ ( المائدة : ٣٨ ). فإن قلت : بم يتصل قوله :