خلفوا الغازين بالمدينة، أو فسدواع ٢ ( ع ٢ * ع ٢ ) من الخالفة وخلوف الفم. وقرأ جعفر الصادق رضي الله عنه :( خالفوا ). وقرأ الأعمش :( وعلى الثلاثة المخلفين ) ﴿ بِمَا رَحُبَتْ ﴾ برحبها، أي : مع سعتها، وهو مثل للحيرة في أمرهم، كأنهم لا يجدون فيها مكاناً يقرّون فيه قلقاً وجزعاً مما هم فيه ﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ ﴾ أي قلوبهم، لا يسعها أنس ولا سرور ؛ لأنها حرجت من فرط الوحشة والغمّ ﴿ وَظَنُّواْ ﴾ وعلموا ﴿ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ﴾ سخط ﴿ اللَّهِ إِلاَّ ﴾ إلى استغفاره ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ﴾ ثم رجع عليهم بالقبول والرحمة كرّة بعد أخرى، ليستقيموا على توبتهم ويثبتوا وليتوبوا أيضاً فيما يستقبل إن فرطت منهم خطيئة، علماً منهم أن الله تواب على من تاب ولو عاد في اليوم مائة مرة. روي أن ناساً من المؤمنين تخلفوا عن رسول الله ﷺ. منهم من بدا له وكره مكانه فلحق به. عن الحسن : بلغني أنه كان لأحدهم حائط كان خيراً من مائة ألف درهم فقال : يا حائطاه، ما خلفني إلاّ ظلك وانتظار ثمرك، اذهب فأنت في سبيل الله. ولم يكن لآخر إلاّ أهله فقال : يا أهلاه ما بطأني ولا خلفني إلاّ الضنّ بك لا جرم، والله لأكابدنّ المفاوز حتى ألحق برسول الله ﷺ، فركب ولحق به. ولم يكن لآخر إلاّ نفسه لا أهل ولا مال، فقال : يا نفس ما خلفني إلاّ حبّ الحياة لك والله لأكابدنّ الشدائد حتى ألحق برسول الله، فتأبط زاده ولحق به. قال الحسن : كذلك والله المؤمن يتوب من ذنوبه ولا يصرّ عليها.
( ٤٩٨ ) وعن أبي ذرّ الغفاري : أن بعيره أبطأ به فحمل متاعه على ظهره واتبع أثر رسول الله ﷺ ماشياً، فقال رسول الله ﷺ لما رأى سواده : كن أبا ذرّ، فقال الناس : هو ذاك، فقال :( رحم الله أبا ذرّ، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده ). وعن أبي خيثمة أنه بلغ بستانه وكانت له امرأة حسناء، فرشت له في

__________


الصفحة التالية
Icon