يخرج أمر من الأمور من قضائه وتقديره، وكذلك قوله :﴿ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ دليل على العزة والكبرياء، كقوله :﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ ﴾ ( النبأ : ٣٨ ) و ﴿ ذالِكُمُ ﴾ إشارة إلى المعلوم بتلك العظمة، أي ذلك العظيم الموصوف بما وصف به هو ربكم، وهو الذي يستحق منكم العبادة ﴿ فَاعْبُدُوهُ ﴾ وحده ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك أو إنسان، فضلاً عن جماد لا يضرّ ولا ينفع ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ فإن أدنى التفكر والنظر ينبهكم على الخطأ فيما أنتم عليه ﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ﴾ أي لا ترجعون في العاقبة إلاّ إليه فاستعدوا للقائه ﴿ وَعَدَ اللَّهُ ﴾ مصدر مؤكد لقوله :﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ﴾ و ﴿ حَقًّا ﴾ مصدر مؤكد لقوله :﴿ وَعَدَ اللَّهُ ﴾. ﴿ أَنَّهُ * اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ استئناف معناه التعليل لوجوب المرجع إليه، وهو أنّ الغرض ومقتضى الحكمة بابتداء الخلق وإعادته هو جزاء المكلفين على أعمالهم. وقرىء :( أنه يبدؤ الخلق ) بمعنى لأنه. أو هو منصوب بالفعل الذي نصب وعد الله : أي وعد الله وعداً بدأ الخلق ثم إعادته. والمعنى : إعادة الخلق بعد بدئه. وقرىء :( وعد الله )، على لفظ الفعل. ويبدىء، من أبدأ. ويجوز أن يكون مرفوعاً بما نصب حقاً، أي حقّ حقاً بدأ الحلق، كقوله :% ( أَحَقّاً عِبَادَ اللَّهِ أَنّ لَسْتُ جَائِيا % وَلاَ ذَاهِباً إلاّ عَلَيَّ رَقِيبُ ) %
وقرىء :( حق أنه يبدؤ الخلق ) كقولك : حق أنّ زيداً منطلق ﴿ بِالْقِسْطِ ﴾ بالعدل، وهو متعلق بيجزى. والمعنى : ليجزيهم بقسطه ويوفيهم أجورهم. أو بقسطهم وبما أقسطوا وعدلوا ولم يظلموا حين آمنوا وعملوا صالحاً، لأنّ الشرك ظلم. قال الله تعالى :﴿ إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ ( لقمان : ١٣ ) والعصاة : ظلاّم أنفسهم، وهذا أوجه، لمقابلة قوله :﴿ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴾.
! ٧ < ﴿ هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذالِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٥ ) هو الذي جعل..... > > الياء في ﴿ ضِيَاء ﴾ منقلبة عن واو ضوء لكسرة ما قبلها. وقرىء :( ضئاء ) بهمزتين بينهما ألف على القلب، بتقديم اللام على العين، كما قيل في عاق : عقا. والضياء أقوى من النور ﴿ وَقَدَّرَهُ ﴾ وقدّر القمر. والمعنى وقدّر مسيره ﴿ مَنَازِلَ ﴾ أو قدّره ذا منازل، كقوله تعالى :﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ﴾ ( يس : ٣٩ ). ﴿ وَالْحِسَابَ ﴾ وحساب الأوقات من الشهور والأيام والليالي ﴿ ذالِكَ ﴾ إشارة إلى المذكور أي ما خلقه إلاّ ملتبساً بالحق الذي هو الحكمة البالغة ولم يخلقه عبثاً. وقرىء :( يفصل )، بالياء.

__________


الصفحة التالية
Icon