استعجالهم بالخير تعجيل لهم، والمراد أهل مكة. وقولهم : فأمطر علينا حجارة من السماء، يعني : ولو عجلنا لهم الشرّ الذي دعوا به كما نعجل الخير ونجيبهم إليه ﴿ لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ﴾ لأميتوا وأهلكوا. وقرىء :( لقضى إليهم أجلهم ) على البناء للفاعل، وهو الله عزّ وجلّ، وتنصره قراءة عبد الله :( لقضينا إليهم أجلهم ) فإن قلت : فكيف اتصل به قوله :﴿ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ﴾ وما معناه ؟ قلت : قوله :﴿ وَلَوْ يُعَجّلُ اللَّهُ ﴾ متضمن معنى نفي التعجيل، كأنه قيل : ولا نعجل لهم الشرّ، ولا نقضي إليهم أجلهم فنذرهم ﴿ فِي طُغْيَانِهِمْ ﴾ أي فنمهلهم ونفيض عليهم النعمة مع طغيانهم، إلزاماً للحجّة عليهم.
! ٧ < ﴿ وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذالِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ١٢ ) وإذا مس الإنسان..... > > ﴿لِجَنبِهِ ﴾ في موضع الحال، بدليل عطف الحالين عليه أي دعانا مضطجعاً ﴿ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا ﴾. فإن قلت : فما فائدة ذكر هذه الأحوال ؟ قلت : معناه أنّ المضرور لا يزال داعياً لا يفتر عن الدعاء حتى يزول عنه الضرّ، فهو يدعونا في حالاته كلها إن كان مضطجعاً عاجز النهض متخاذل النوء أو كان قاعداً لا يقدر على القيام، أو كان قائماً لا يطيق المشي والمضطرب إلى أن يخف كل الخفة ويرزق الصحة بكمالها والمسحة بتمامها. ويجوز أن يراد أن من المضرورين من هو أشدّ حالاً وهو صاحب الفراش. ومنهم من هو أخفّ وهو القادر على القعود. ومنهم المستطيع للقيام، وكلهم لا يستغنون عن الدعاء واستدفاع البلاء، لأنّ الإنسان للجنس ﴿ مَرَّ ﴾ أي مضى على طريقته الأولى قبل مسّ الضرّ، ونسي حال الجهد. أو مرّ عن موقف الابتهال والتضرع لا يرجع إليه، كأنه لا عهد له به ﴿ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا ﴾، كأنه لم يدعنا، فخفف وحذف ضمير الشأن قال :
كَأَنْ ثَدْيَاهُ حُقّانِ