يهدي للحق، بما ركب في المكلفين من العقول وأعطاهم من التمكين للنظر في الأدلة التي نصبها لهم، وبما لطف بهم ووفقهم وألهمهم وأخطر ببالهم ووقفهم على الشرائع، فهل من شركائكم الذين جعلتم أنداداً لله أحد من أشرفهم كالملائكة والمسيح وعزير، يهدي إلى الحق مثل هداية الله. ثم قال : أفمن يهدي إلى الحق هذه الهداية أحقّ بالاتباع، أم الذي لا يهدي أي لا يهتدي بنفسه، أو لا يهدي غيره إلاّ أن يهديه الله وقيل : معناه أم من لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه ﴿ إِلاَّ أَن يُهْدَى ﴾ إلاّ أن ينقل، أو لا يهتدي ولا يصحّ منه الاهتداء إلاّ أن ينقله الله من حاله إلى أن يجعله حيواناً مكلفاً فيهديه ﴿ لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ بالباطل، حيث تزعمون أنهم أنداداً لله.
! ٧ < ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٣٦ ) وما يتبع أكثرهم..... > > ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ ﴾ في قرارهم بالله ﴿ إِلاَّ ظَنّا ﴾ لأنه قول غير مستند إلى برهان عندهم ﴿ إَنَّ الظَّنَّ ﴾ في معرفة الله ﴿ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقّ ﴾ وهو العلم ﴿ شَيْئاً ﴾ وقيل : وما يتبع أكثرهم في قولهم للأصنام أنها آلهة وأنَّها شفعاء عند الله إلاّ الظنّ. والمراد بالأكثر : الجميع ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ ﴾ وعيد على ما يفعلون من اتباع الظنّ وتقليد الآباء. وقرىء :( تفعلون ) بالتاء.
! ٧ < ﴿ وَمَا كَانَ هَاذَا الْقُرْءَانُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَاكِن تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٣٧ - ٤٠ ) وما كان هذا..... > > ﴿ وَمَا كَانَ هَاذَا الْقُرْءانُ ﴾ افتراء ﴿ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَاكِنْ ﴾ كان ﴿ تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ وهو ما تقدمه من الكتب المنزلة، لأنه معجز دونها فهو عيار عليها وشاهد لصحتها، كقوله تعالى :﴿ هُوَ الْحَقُّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ ( فاطر : ٣١ ). وقرىء :( ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب ) على : ولكن هو تصديق وتفصيل. ومعنى ﴿ وَمَا كَانَ * ءانٍ * يَفْتَرِى ﴾ وما صحّ وما استقام، وكان محالاً أن يكون مثله في علو أمره وإعجازه مفتري ﴿ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ ﴾ وتبيين ما كتب وفرض من الأحكام والشرائع، من قوله :﴿ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ ( النساء : ٢٤ ). فإن قلت : بم اتصل قوله :﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبّ الْعَالَمِينَ ﴾ قلت : هو داخل في حيز الاستدراك. كأنه قال : ولكن كان تصديقاً وتفصيلاً منتفياً عنه الريب كائناً من رب العالمين. متعلقاً بتصديق وتفصيل، أو يكون ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ اعتراضاً، كما تقول : زيد لا شكّ فيه كريم ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ﴾ بل أيقولون : اختلقه، على أن الهمزة