أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ } وهو الثواب الذي يثيبني به في الآخرة أي : ما نصحتكم إلاّ لوجه الله، لا لغرض من أغراض الدنيا ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ الذين لا يأخذون على تعليم الدين شيئاً ولا يطلبون به دنيا، يريد : أن ذلك مقتضى الإسلام، والذي كل مسلم مأمور به. والمراد أن يجعل الحجّة لازمة لهم ويبرىء ساحته، فذكر أن توليهم لم يكن تفريط منه في سوق الأمر معهم على الطريق الذي يجب أن يساق عليه، وإنما ذلك لعنادهم وتمرّدهم لا غير ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ فتموا على تكذيبه، وكان تكذيبهم له في آخر المدّة المتطاولة كتكذيبهم في أوّلها، وذلك عند مشارفة الهلاك بالطوفان ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ ﴾ يخلفون الهالكين بالغرق ﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴾ تعظيم لما جرى عليهم، وتحذير لمن أنذرهم رسول الله ﷺ عن مثله، وتسلية له.
! ٧ < ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٧٤ ) ثم بعثنا من..... > > ﴿مِن بَعْدِهِ ﴾ من بعد نوح ﴿ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ ﴾ يعني هوداً وصالحاً وإبراهيم ولوطاً وشعيباً ﴿ فَجَاءوهُم بِالْبَيّنَاتِ ﴾ بالحجج الواضحة المثبتة لدعواهم ﴿ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ ﴾ فما كان إيمانهم إلاّ ممتنعاً كالمحال لشدّة شكيمتهم في الكفر وتصميمهم عليه ﴿ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ ﴾ يريد أنهم كانوا قبل بعثة الرسل أهل الجاهلية مكذبين بالحق. فما وقع فصل بين حالتهم بعد بعثة الرسل وقبلها، كأن لم يبعث إليهم أحد ﴿ كَذَلِكَ نَطْبَعُ ﴾ مثل ذلك الطبع المحكم نطبع ﴿ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴾ والطبع جار مجرى الكناية عن عنادهم ولجاجهم، لأنّ الخذلان يتبعه. ألا ترى كيف أسند إليهم الاعتداء ووصفهم به.
! ٧ < ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ * فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ إِنَّ هَاذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ * قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَاذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ * قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَآءُ فِى الاٌّ رْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٧٥ ) ثم بعثنا من..... > > ﴿مّن بَعْدِهِمْ ﴾ من بعد الرسل ﴿ بِئَايَاتِنَا ﴾ بالآيات التسع ﴿ فَاسْتَكْبَرُواْ ﴾ عن قبولها، وهو أعظم الكبر أن يتهاون العبيد برسالة ربهم بعد تبينها، ويتعظموا عن تقبلها ﴿ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ ﴾ كفاراً ذوي آثام عظام، فلذلك استكبروا عنها واجترءوا على ردّها ﴿ فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا ﴾ فلما عرفوا أنه هو الحق، وأنه من عند الله، لا من قبل موسى وهارون ﴿ قَالُواْ ﴾ لحبهم الشهوات ﴿ إِنَّ هَاذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ وهم يعلمون أنّ الحق أبعد شيء من السحر الذي

__________


الصفحة التالية
Icon