مِن قَبْلِهِمْ } كأنه قيل : نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا، على حكاية الأحوال الماضية ﴿ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ ﴾ ومن آمن معهم، كذلك ﴿ نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم، ونهلك المشركين. و ﴿ حَقّاً عَلَيْنَا ﴾ اعتراض، يعني : حقّ ذلك علينا حقاً. وقرىء :( ننجّ ) بالتشديد.
! ٧ < ﴿ قُلْ ياأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى شَكٍّ مِّن دِينِى فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَاكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِى يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ١٠٤ ) قل يا أيها..... > > ﴿ ياْ أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ يا أهل مكة ﴿ إِن كُنتُمْ فِى شَكّ مّن دِينِى ﴾ وصحته وسداده، فهذا ديني فاسمعوا وصفه، واعرضوه على عقولكم، وانظروا فيه بعين الإنصاف، لتعلموا أنه دين لا مدخل فيه للشكّ، وهو أني لا أعبد الحجارة التي تعبدونها من دون من هو إلاهكم وخالقكم ﴿ وَلَاكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِى يَتَوَفَّاكُمْ ﴾ وإنما وصفه بالتوفي، ليريهم أنه الحقيق بأن يخاف ويتقي، فيعبدون دون ما لا يقدر على شيء ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ يعني أنّ الله أمرني بذلك، بما ركب فيّ من العقل، وبما أوحي إليّ في كتابه. وقيل : معناه إن كنتم من ديني ومما أنا عليه أثبت عليه أن تركه وأوافقكم فلا تحدّثوا أنفسكم بالمحال ولا تشكوا في أمري، واقطعوا عني أطماعكم، واعلوا أني لا أعبد الذين تعبدون من دون الله، ولا اختار الضلالة على الهدى، كقوله :﴿ قُلْ ياأَهْلَ * أَيُّهَا * الْكَافِرُونَ * وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ ع ٢ ( ع ١٢ ع ٢ ). ﴿ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ ﴾ أصله : بأن أكون، فحذف الجار، وهذا الحذف يحتمل أن يكون من الحذف المطرد الذي هو حذف الحروف الجارّة مع ( أن ) و ( أن ). وأن يكون من الحذف غير المطرد، وهو قوله : أمرتك الخير فاصدع بما تؤمر.
! ٧ < ﴿ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ١٠٥ ) وأن أقم وجهك..... > > فإن قلت : عطفُ قوله :﴿ وَأَنْ أَقِمْ ﴾ على ﴿ أَنْ أَكُونَ ﴾ فيه إشكال، لأنّ ( أن ) لا تخلو من أن تكون التي للعبارة، أو التي تكون مع الفعل في تأويل المصدر، فلا يصح أن تكون للعبارة وإن كان الأمر مما يتضمن معنى القول، لأنّ عطفها على الموصولة يأبى ذلك. والقول بكونها موصولة مثل الأولى، لا بساعد عليه لفظ الأمر، وهو ﴿ أَقِمِ ﴾ لأنّ الصلة حقها أن تكون جملة تحتمل الصدق والكذب. قلت : قد سوّغ سيبويه أن توصل ( أن ) بالأمر والنهي، وشبه ذلك بقزلهم أنت الذي تفعل، على الخطاب ؛ لأنّ الغرض وصلها بما تكون معه في معنى المصدر. والأمر والنهي دالان على المصدر دلالة غيرهما من الأفعال ﴿ أَقِمْ وَجْهَكَ ﴾ استقم إليه ولا تلتفت يميناف ولا شمالاً. و ﴿ حَنِيفاً ﴾ حال من الذين، أو من الوجه.

__________


الصفحة التالية
Icon