﴿ الْعَذَابَ ﴾ عذاب الآخرة. وقيل عذاب يوم بدر. وعن ابن عباس : قتل جبريل المستهزئين ﴿ إِلَى أُمَّةٍ ﴾ إلى جماعة من الأوقات ﴿ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ ما يمنعه من النزول استعجالاً له على وجه التكذيب والاستهزاء. و ﴿ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ﴾ منصوب بخبر ليس، ويستدل به من يستجيز تقديم خبر ليس على ليس، وذلك أنه إذا جاز تقديم معمول خبرها عليها، كان ذلك دليلاً على جواز تقديم خبرها ؛ إذ المعمول تابع للعامل، فلا يقع إلا حيث يقع العامل ﴿ وَحَاقَ بِهِم ﴾ وأحاط بهم ﴿ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ العذاب الذي كانوا به يستعجلون. وإنما وضع يستهزئون موضع يستعجلون ؛ لأنّ استعجالهم كان على جهة الاستهزاء. والمعنى : ويحيق بهم إلا أنه جاء على عادة الله في أخباره.
! ٧ < ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَائِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ > ٧ !
< < هود :( ٩ - ١١ ) ولئن أذقنا الإنسان..... > > ﴿ الإِنسَانَ ﴾ للجنس ﴿ رَحْمَةً ﴾ نعمة من صحة وأمن وجدة ﴿ ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ ﴾ ثم سلبنا تلك النعمة ﴿ أَنَّهُ ﴾ شديد اليأس من أن تعود إليه مثل تلك النعمة المسلوبة. قاطع رجاءه من سعة فضل الله من غير صبر ولا تسليم لقضائه ولا استرجاع ﴿ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ﴾ عظيم الكفران لما سلف له من التقلب في نعمة الله نَسَّاءٌ له ﴿ ذَهَبَ السَّيّئَاتُ عَنّي ﴾ أي المصائب التي ساءتني ﴿ إِنَّهُ لَفَرِحٌ ﴾ أشر بطر ﴿ فَخُورٌ ﴾ على الناس بما أذاقه الله من نعمائه، قد شغله الفرح والفخر عن الشكر ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ ﴾ آمنوا، فإنّ عادتهم إن نالتهم رحمة أن يشكروا، وإن زالت عنهم نعمة أن يصبروا.
! ٧ < ﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ ﴾ > ٧ !
< < هود :( ١٢ ) فلعلك تارك بعض..... > > كانوا يقترحون عليه آيات تعنتاً لا استرشاداً، لأنهم لو كانوا مسترشدين لكانت آية واحدة مما جاء به كافية في رشادهم. ومن اقتراحاتهم ﴿ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ ﴾ وكانوا لا يعتدون بالقرآن ويتهاونون به وبغيره مما جاء به من البينات، فكان يضيق صدر رسول الله ﷺ أن يلقى إليهم ما لا يقبلونه ويضحكون منه، فحرّك الله منه وهيجه لأداء الرسالة وطرح المبالاة بردّهم واستهزائهم واقتراحهم بقوله :﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ﴾ أي لعلك تترك أن تلقيه إليهم وتبلغه إياهم مخافة ردّهم له وتهاونهم به ﴿ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ﴾ بأن تتلوه عليهم ﴿ أَن يَقُولُواْ ﴾ مخافة أن يقولوا :﴿ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ ﴾ أي هلا أنزل عليه ما اقترحنا نحن من الكنز والملائكة ولم أنزل عليه ما لا نريده ولا نقترحه، ثم قال :﴿ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ ﴾ أي ليس عليك إلا أن تنذرهم بما أوحي إليك وتبلغهم