قدمه بمنى تقدّمه. ومنه : قادمة الرحل، كما يقال : قدمه بمعنى تقدّمه، ومنه مقدّمة الجيش. وأقدم بمعنى تقدّم. ومنه مقدّم العين. فإن قلت : هلا قيل : يقدم قومه فيوردهم ؟ ولم جيء بلفظ الماضي ؟ قلت : لأن الماضي يدل على أمر موجود مقطوع به، فكأنه قيل : يقدّمهم فيوردهم النار لا محالة. و ﴿ الْوِرْدُ ﴾ المورود. و ﴿ الْمَوْرُودُ ﴾ الذي وردوه شبه بالفارط الذي يتقدّم الواردة إلى الماء. وشبه أتباعه بالواردة، ثم قيل : بئس الورد الذي يردونه النار ؛ لأنّ الورد إنما يراد لتسكين العطش وتبريد الأكباد، والنار ضدّه ﴿ وَأُتْبِعُواْ فِى هَاذِهِ ﴾ في هذه الدنيا ﴿ لَّعْنَةُ ﴾ أي يلعنون في الدنيا، ويلعنون في الآخرة ﴿ بِئْسَ الرّفْدُ الْمَرْفُودُ ﴾ رفدهم. أي : بئس العون المعان. وذلك أنّ اللعنة في الدنيا رفد للعذاب ومدد له، وقد رفدت باللعنة في الآخرة، وقيل : بئس العطاء المعطى.
! ٧ < ﴿ ذَالِكَ مِنْ أَنْبَآءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَاكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ ءَالِهَتَهُمُ الَّتِى يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَىْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴾ > ٧ !
< < هود :( ١٠٠ - ١٠١ ) ذلك من أنباء..... > > ﴿ ذَالِكَ ﴾ مبتدأ ﴿ مِنْ أَنْبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ﴾ خبر بعد خبر، أي : ذلك النبأ بعض أنباء القرى المهلكة مقصوص عليك ﴿ مِنْهَا ﴾ الضمير للقرى، أي : بعضها باق وبعضها عافي الأثر، كالزرع القائم على ساقه والذي حصد. فإن قلت : ما محمل هذه الجملة ؟ قلت : هي مستأنفة لا محل لها ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ﴾ بإهلاكنا إياهم ﴿ وَلَاكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ﴾ بارتكاب ما به أهلكوا ﴿ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ ءالِهَتَهُمُ ﴾ فما قدرت أن ترد عنهم بأس الله ﴿ يَدَّعُونَ ﴾ يعبدون وهي حكاية حال ماضية. و ﴿ لَّمَّا ﴾ منصوب بما أغنت ﴿ أَمْرُ رَبّكَ ﴾ عذابه ونقمته ﴿ تَتْبِيبٍ ﴾ تخسير. يقال تبّ إذا خسر. وتببه غيره، إذا أوقعه في الخسران.
! ٧ < ﴿ وَكَذالِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ > ٧ !
< < هود :( ١٠٢ ) وكذلك أخذ ربك..... > > محل الكاف الرفع، تقديره : ومثل ذلك الأخذ ﴿ أَخْذُ رَبّكَ ﴾ والنصب فيمن قرأ : وكذلك أخذ ربك، بلفظ الفعل. وقرىء :( إذ أخذ القرى ) ﴿ وَهِىَ ظَالِمَةٌ ﴾ حال من القرى ﴿ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ وجيع صعب على المأخوذ. وهذا تحذير من وخامة عاقبه الظلم لكل أهل قرية ظالمة من كفار مكة وغيرها، بل لكل من ظلم غيره أو نفسه بذنب يقترفه. فعلى كل من أذنب أن يحذر أخذ ربه الأليم الشديد، فيبادر التوبة ولا يغتر بالإمهال.
! ٧ < ﴿ إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الاٌّ خِرَةِ ذالِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَالِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ﴾ > ٧ !
< < هود :( ١٠٣ ) إن في ذلك..... > > ﴿ ذالِكَ ﴾ إشارة إلى ما قص الله من قصص الأمم الهالكة بذنوبهم ﴿ لآيَةً لّمَنْ خَافَ ﴾ لعبرة له، لأنه ينظر إلى ما أحل الله بالمجرمين في الدنيا، وما هو إلا أنموذج مما أعدّ لهم

__________


الصفحة التالية
Icon