مضرة، إلاّ إذا شاء ربي أن يصيبني بمخوف من جهتها إن أصبت ذنباً استوجب به إنزال المكروه، مثل أن يرجمني بكوكب أو بشقة من الشمس أو القمر، أو يجلعها قادرة على مضرتي ﴿ وَسِعَ رَبّى كُلَّ شَىْء عِلْماً ﴾ أي ليس بعجب ولا مستبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها ﴿ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ ﴾ فتميزوا بين الصحيح والفاسد والقادر والعاجز ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ ﴾ لتخويفكم شيئاً مأمون الخوف لا يتعلق به ضرر بوجه ﴿ * و ﴾ أنتم ﴿ وَمُقَصّرِينَ لاَ تَخَافُونَ ﴾ ما يتعلق به كل مخوف وهو إشراككم بالله ما لم ينزل بإشراكه ﴿ سُلْطَاناً ﴾ أي حجة، لأن الإشراك لا يصحّ أن يكون عليه حجة، كأنه قال : وما لكم تنكرون علي الأمن في موضع الأمن، ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف. ولم يقل : فأينا أحق بالأمن أنا أم أنتم، احترازاً من تزكيته نفسه، فعدل عنه إلى قوله :﴿ فَأَىُّ الْفَرِيقَيْنِ ﴾ يعني فريقي المشركين والموحدين. ثم استأنف الجواب على السؤال بقوله :﴿ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ أي لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم. وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس ﴿ وَتِلْكَ ﴾ إشارة إلى جميع ما احتج به إبراهيم عليه السلام على قومه من قوله :﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ ﴾ إلى قوله :﴿ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ ﴾. ومعنى ﴿ ءَاتَيْنَاهَآ ﴾ أرشدناه إليها ووفقناه لها ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء ﴾ يعني في العلم والحكمة. وقرىء بالتنوين ﴿ وَمِن ذُرّيَّتِهِ ﴾ الضمير لنوح أو لإبراهيم. و ﴿ دَاوُودُ ﴾ عطف على نوحاً، أي وهدينا داود ﴿ وَمِنْ ءابَائِهِمْ ﴾ في موضع النصب عطفاً على كلاًّ، بمعنى : وفضلنا بعض آبائهم ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُواْ ﴾ مع فضلهم وتقدمهم وما رفع لهم من الدرجات. لكانوا كغيرهم من حبوط أعمالهم، كما قال تعالى وتقدّس ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ ( الزمر : ٦٥ ). ﴿ الْكِتَابَ مِن ﴾ يريد الجنس ﴿ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا ﴾ بالكتاب والحكمة والنبوّة. أو بالنبوّة ﴿ هَاؤُلاءِ ﴾ يعني أهل مكة ﴿ قَوْماً ﴾ هم الأنبياء المذكورون ومن تابعهم بدليل قوله :{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ