﴿ طَرَفَىِ النَّهَارِ ﴾ غدوة وعشية ﴿ وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ ﴾ وساعات من الليل وهي ساعاته القريبة من آخر النهار، من أزلفه إذا قربه وازدلف إليه، وصلاة الغدوة : الفجر، وصلاة العشية : الظهر والعصر ؛ لأنّ ما بعد الزوال عشى. وصلاة الزلف : المغرب والعشاء. وانتصاب طرفي النهار على الظرف، لأنهما مضافان إلى الوقت، كقولك : أقمت عنده جميع النهار، وأتيته نصف النهار وأوله وآخره، تنصب هذا كله على إعطاء المضاف حكم المضاف إليه. ونحوه ﴿ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ ﴾ ( طه : ١٣٠ ) وقرىء :( وزُلُفا )، بضمتين. وزلفا، بسكون اللام. وزلفى : بوزن قربى. فالزلف : جمع زلفة، كظلم في ظلمة. والزلف بالسكون : نحو بسرة وبسر. والزلف بضمتين نحو بسر في بسر. والزلفى بمعنى الزلفة، كما أن القربى بمعنى القربة : وهو ما يقرب من آخر النهار من الليل. وقيل : وزلفا من الليل : وقربا من الليل، وحقها على هذا التفسير أن تعطف على الصلاة، أي : أقم الصلاة طرفي النهار، وأقم زلفا من الليل، على معنى : وأقم صلاة تتقرّب بها إلى الله عز وجل في بعض الليل ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ ﴾ فيه وجهان، أحدهما : أن يراد تكفير الصغائر بالطاعات، وفي الحديث :
( ٥٣٢ ) ( إن الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما ما اجتنبت الكبائر ) والثاني : إن الحسنات يذهبن السيئات، بأن يكن لطفاً في تركها، كقوله :﴿ اتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ ( العنكبوت : ٤٥ ) وقيل :
( ٥٣٣ ) نزلت في أبي اليسر عمرو بن غزية الأنصاري، كان يبيع التمر فأتته امرأة فأعجبته، فقال لها : إن في البيت أجود من هذا التمر. فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها، فقالت له : اتق الله، فتركها وندم، فأتى رسول الله ﷺ فأخبره بما فعل، فقال ﷺ : أنتظر أمر ربي، فلما صلى صلاة العصر نزلت، فقال : نعم، اذهب فإنها كفارة لما عملت :