قولك : حمامة ذكر وشاة ذكر، ورجل ربعة، وغلام يفعه. فإن قلت : فلم ساغ تعويض تاء التأنيث من ياء الإضافة ؟ قلت : لأنّ التأنيث والإضافة يتناسبان في أنّ كل واحد منهما زيادة مضمومة إلى الاسم في آخره. فإن قلت فما هذه الكسرة ؟ قلت : هي الكسرة التي كانت قبل الياء في قولك : يا أبي، قد زحلقت إلى التاء، لاقتضاء تاء التأنيث أن يكون ما قبلها مفتوحاً : فإن قلت : فما بال الكسرة لم تسقط بالفتحة التي اقتضتها التاء وتبقى التاء ساكنة ؟ قلت : امتنع ذلك فيها، لأنها اسم، والأسماء حقها التحريك لأصالتها في الإعراب، وإنما جاز تسكين الياء وأصلها أن تحرّك تخفيفاً، لأنها حرف لين. وأما التاء فحرف صحيح نحو كاف الضمير، فلزم تحريكها. فإن قلت : يشبه الجمع بين التاء وبين هذه الكسرة الجمع بين العوض والمعوّض منه، لأنها في حكم الياء، إذا قلت : يا غلام، فكما لا يجوز ( يا أبتي ) لا يجوز ( يا أبت ). قلت الياء والكسرة قبلها شيآن والتاء عوض من أحد الشيئين، وهو الياء والكسرة غير متعرض لها، فلا يجمع بين العوض والمعوض منه، إلا إذا جمع بين التاء والياء لا غير. ألا ترى إلى قولهم ( يا أبتا ) مع كون الألف فيه بدلا من التاء، كيف جاز الجمع بينها وبين التاء، ولم يعد ذلك جمعاً بين العوض والمعوّض منه، فالكسرة أبعد من ذلك. فإن قلت : فقد دلت الكسرة في يا غلام على الإضافة ؛ لأنها قرينة الياء ولصيقتها. فإن دلت على مثل ذلك في ( يا أبت ) فالتاء المعوّضة لغو : وجودها كعدمها. قلت : بل حالها مع التاء كحالها مع الياء إذا قلت يا أبي. فإن قلت : فما وجه من قرأ بفتح التاء وضمها ؟ قلت : أما من فتح فقد حذف الألف من ( يا أبتا ) واستبقى الفتحة قبلها، كما فعل من حذف الياء في ( يا غلام ) ويجوز أن يقال : حركها بحركة الباء المعوض منها في قولك ( يا أبي ). وأما من ضم فقد رأى اسماً في آخره تاء تأنيث، فأجراه مجرى الأسماء المؤنثة بالتاء فقال :( يا أبت ) كما تقول ( ياثبة ) من غير اعتبار لكونها عوضاً من ياء الإضافة، وقرىء :( إني رأيت ) بتحريك الياء. ( وأحد عشر ) بسكون العين، تخفيفاً لتوالي المتحركات فيما هو في حكم اسم واحد، وكذا إلى تسعة عشر، إلا اثني عشر لئلا يلتقي ساكنان، ورأيت من الرؤيا، لا من الرؤية، لأنَّ ما ذكره معلوم أنه منام ؛ لأنّ الشمس والقمر لو اجتمعا مع الكواكب ساجدة ليوسف في حال اليقظة، لكانت آية عظيمة ليعقوب عليه السلام، ولما خفيت عليه وعلى الناس. فإن قلت : ما أسماء تلك الكواكب ؟ قلت :
( ٥٣٩ ) روى جابر أنّ يهودياً جاء إلى النبي ﷺ فقال : يا محمد، أخبرني عن