أحسن من الملك، كما ركز فيها أن لا أقبح من الشيطان، ولذلك يشبه كل متناه في الحسن والقبح بهما، وما ركز ذلك فيها إلا لأن الحقيقة كذلك، كما ركز في الطباع أن لا أدخل في الشر من الشياطين، ولا أجمع للخير من الملائكة، إلا ما عليه الفئة الخاسئة المجبرة من تفضيل الإنسان على الملك، وما هو إلا من تعكيسهم للحقائق، وجحودهم للعلوم الضرورية، ومكابرتهم في كل باب، وإعمال ( ما ) عمل ( ليس ) هي اللغة القدمى الحجازية وبها ورد القرآن. ومنها قوله تعالى :﴿ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ﴾ ( المجادلة : ٢ ) ومن قرأ على سليقته من بني تميم، قرأ :( بشر ) بالرفع. وهي في قراءة ابن مسعود. وقرىء :( ما هذا بشرى ) أي ما هو بعبد مملوك لئيم ﴿ إِنْ هَاذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ تقول هذا بشرى، أي حاصل بشرى، بمعنى : هذا بشرى. وتقول : هذا لك بشري أم بكري ؟ والقراءة هي الأولى، لموافقتها المصحف ؛ ومطابقة بشر لملك ﴿ قَالَتْ فَذالِكُنَّ ﴾ ولم يقل فهذا وهو حاضر، رفعاً لمنزلته في الحسن، واستحقاق أن يحب ويفتتن به، ورباً بحاله واستبعاداً لمحله، ويجوز أن يكون إشارة إلى المعنى بقولهنّ : عشقت عبدها الكنعاني. تقول : هو ذلك العبد الكنعاني الذي صوّرتن في أنفسكنّ، ثم لمتننى فيه. تعني : أنكن لم تصوّرنه بحق صورته، ولو صوّرتنه بما عاينتن لعذرتني في الافتنان به. الاستعصام : بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد، كأنه في عصمة وهو يجتهد في الاستزادة منها. ونحوه استمسك واستوسع الفتق واستجمع الرأي واستفحل الخطب. وهذا بيان لما كان من يوسف عليه السلام لا مزيد عليه، وبرهان لا شيء أنور منه، على أنه بريء مما أضاف إليه أهل الحشو مما فسروا به الهمّ والبرهان. فإن قلت : الضمير في ﴿ أَمَرَهُ ﴾ راجع إلى الموصول، أم إلى يوسف ؟ قلت : بل إلى الموصول. والمعنى : ما آمر به، فحذف الجار كما في قولك : أمرتك الخير، ويجوز أن تجعل ( ما ) مصدرية، فيرجع إلى يوسف ومعناه : ولئن لم يفعل أمري إياه، أي موجب أمري ومقتضاه. قرىء :( وليكونا ) بالتشديد والتخفيف. والتخفيف أولى، لأنّ النون كتبت في المصحف ألفاً على حكم الوقف، وذلك لا يكون إلا في الخفيفة.
! ٧ < ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن منَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٣٣ - ٣٤ ) قال رب السجن..... > > وقرىء :( ﴿ السّجْنِ ﴾ ) بالفتح على المصدر. وقال ﴿ يَدْعُونَنِى ﴾ على إسناد الدعوة إليهنّ جميعاً، لأنهنّ تنصحن له وزينّ له مطاوعتها، وقلن له : إياك وإلقاء نفسك في السجن

__________


الصفحة التالية
Icon