وإنما قال له ذلك لأنه ذاق أحواله وتعرف صدقه في تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه حيث جاء كما أوّل، ولذلك كلمه كلام محترز فقال ﴿ لَّعَلّى أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ لأنه ليس على يقين من الرجوع، فربما اخترم دونه ولا من علمهم فربما لم يعلموا، أو معنى ﴿ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ لعلهم يعلمون فضلك ومكانك من العلم، فيطلبوك ويخلصوك من محنتك.
! ٧ < ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذالِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذالِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٤٧ ) قال تزرعون سبع..... > > ﴿تَزْرَعُونَ ﴾ خبر في معنى الأمر، كقوله :﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ ﴾ ( الصف : ١١ ) وإنما يخرج الأمر في صورة الخبر للمبالغة في إيجاب إيجاد المأمور به، فيجعل كأنه يوجد، فهو يخبر عنه. والدليل على كونه في معنى الأمر قوله :﴿ فَذَرُوهُ فِى سُنبُلِهِ ﴾. ﴿ دَأَبًا ﴾ بسكون الهمزة وتحريكها، وهما مصدر : دأب في العمل، وهو حال من المأمورين، أي دائبين : إمّا على تدأبون دأباً، وإمّا على إيقاع المصدر حالاً، بمعنى : ذوي دأب ﴿ فَذَرُوهُ فِى سُنبُلِهِ ﴾ لئلا يتسوس. و ﴿ يَأْكُلْنَ ﴾ من الإسناد المجازي : جعل أكل أهلهنّ مسنداً إليهنّ ﴿ * يحصنون ﴾ تحرزون وتخبؤن ﴿ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ ﴾ من الغوث أو من الغيث. يقال : غيثت البلاد، إذا مطرت. ومنه قول الأعرابية : غثنا ماشئنا. ﴿ يَعْصِرُونَ ﴾ بالياء والتاء : يعصرون العنب والزيتون والسمسم. وقيل : يحلبون الضروع. وقرىء :( يعصرون )، على البناء للمفعول، من عصره إذا أنجاه، وهو مطابق للإغاثة ويجوز أن يكون المبني للفاعل بمعنى ينجون، كأنه قيل : فيه يغاث الناس وفيه يغيثون أنفسهم، أي يغيثهم الله ويغيث بعضهم بعضاً وقيل ﴿ يَعْصِرُونَ ﴾ يمطرون، من أعصرت السحابة. وفيه وجهان : إمّا أن يضمن أعصرت معنى مطرت، فيعدّى تعديته. وإمّا أن يقال : الأصل أعصرت عليهم فحذف الجار وأوصل الفعل. تأوّل البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخاصيب، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة، ثم بشرهم بعد الفراغ من تأويل الرؤيا بأنّ العام الثامن يجيء مباركاً خصيباً كثير الخير غزير النعم، وذلك من جهة الوحي. وعن قتادة : زاده الله علم سنة. فإن قلت : معلوم أنّ السنين المجدبة إذا انتهت كان انتهاؤها بالخصب، وإلا لم توصف بالانتهاء، فلم قلت إنّ علم ذلك من جهة الوحي ؟ قلت : ذلك معلوم علماً مطلقاً لا مفصلاً. وقوله ﴿ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ تفصيل لحال العام، وذلك لا يعلم إلا بالوحي.
! ٧ < ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِى بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّاتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ * قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ اأنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ > ٧ { < يوسف :( ٥٠ ) وقال الملك ائتوني..... > >

__________


الصفحة التالية
Icon