روي أنه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم : أخبروني من أنتم وما شأنكم ؟ فإني أنكركم. قالوا : نحن قوم من أهل الشام رعاة، أصابنا الجهد فجئنا نمتار، فقال ؛ لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادي ؟ قالوا : معاذ الله، نحن إخوة بنو أب واحد، وهو شيخ صدّيق نبي من الأنبياء، اسمه يعقوب. قال : كم أنتم ؟ قالوا : كنا اثني عشر، فهلك منا واحد. قال : فكم أنتم ههنا ؟ قالوا : عشرة. قال : فأين الأخ الحادي عشر ؟ قالوا : هو عند أبيه يتسلى به من الهالك. قال : فمن يشهد لكم أنكم لستم بعيون وأنّ الذي تقولون حق ؟ قالوا : إنا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا. قال : فدعوا بعضكم عندي رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم، وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون وكان أحسنهم رأيا في يوسف فخلفوه عنده، وكان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم ﴿ وَلاَ تَقْرَبُونِ ﴾ فيه وجهان، أحدهما : أن يكون داخلاً في حكم الجزاء مجزوماً، عطفاً على محل قوله :﴿ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ ﴾ كأنه قيل : فإن لم تأتوني به تحرموا ولا تقربوا، وأن يكون بمعنى النهي.
! ٧ < ﴿ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٦١ ) قالوا سنراود عنه..... > > ﴿ سَنُراوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ ﴾ سنخادعه عنه، وسنجتهد ونحتال حتى ننتزعه من يده ﴿ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ﴾ وإنا لقادرون على ذلك لا نتعانى به، أو وإنا لفاعلون ذلك لا محالة لا نفرط فيه ولا نتوانى.
! ٧ < ﴿ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِى رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انْقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٦٢ ) وقال لفتيانه اجعلوا..... > > ﴿لِفِتْيَانِهِ ﴾ وقرىء :( لفتيانه ) وهما جمع فتى، كإخوة وإخوان في أخ، و ( فعلة ) للقلة. و ( فعلان ) للكثرة، أي لغلمانه الكيالين ﴿ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا ﴾ لعلهم يعرفون حق ردّها وحقط التكرم بإعطاء البدلين ﴿ إِذَا انْقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ ﴾ وفرغوا ظروفهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ لعل معرفتهم بذلك تدعوهم إلى الرجوع إلينا، وكانت بضاعتهم النعال والأدم. وقيل : تخوّف أن لا يكون عند أبيه من المتاع ما يرجعون به. وقيل : لم ير من الكرم أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمناً، وقيل : علم أن ديانتهم تحملهم على ردّ البضاعة لا يستحلون إمساكها فيرجعون لأجلها. وقيل : معنى ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ لعلهم يردّونها.
! ٧ < ﴿ فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ ياأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٦٣ ) فلما رجعوا إلى..... > > ﴿ مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ ﴾ يريدون قول يوسف فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي، لأنهم إذا أنذروا بمنع الكيل فقد منع الكيل ﴿ نَكْتَلْ ﴾ نرفع المانع من الكيل، ونكتل من الطعام ما نحتاج إليه. وقرىء :( يكتل ) بمعنى يكتل أخوناً، فينضم اكتياله إلى اكتيالنا. أو يكن سببا

__________


الصفحة التالية
Icon