على إقامة الظاهر فيها مقام المضمر. والأصل : جزاؤه من وجد في رحله فهو هو فوضع الجزاء موضع هو، كما تقول لصاحبك : من أخو زيد فيقول لك أخوه من يقعد إلى جنبه فهو هو يرجع الضمير الأول إلى من والثاني إلى الأخ، ثم تقول ( فهو أخوه ) مقيماً للمظهر مقام المضمر. ويحتمل أن يكون جزاؤه خبر مبتدأ محذوف، أي : المسؤل عنه جزاؤه، ثم أفتوا بقولهم : من وجد في رحله فهو جزاؤه، كما يقول : من يستفتى في جزاء صيد المحرم جزاء صيد المحرم، ثم يقول :﴿ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ ( المائدة : ٩٥ ).
! ٧ < ﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذالِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٧٦ ) فبدأ بأوعيتهم قبل..... > > ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ ﴾ قيل : قال لهم من وكل بهم : لا بدّ من تفتيش أوعيتكم، فانصرف بهم إلى يوسف، فبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل وعاء بنيامين لنفي التهمة حتى بلغ وعاءه فقال : ما أظنّ هذا أخذ شيئاً، فقالوا : والله لا نتركه حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا، فاستخرجوه منه وقرأ الحسن :( وُعاء أخيه )، بضم الواو، وهي لغة. وقرأ سعيد ابن جبير :( إعاء أخيه )، بقلب الواو همزة. فإن قلت : لم ذكر ضمير الصواع مرّات ثم أنثه ؟ قلت : قالوا رجع بالتأنيث على السقاية، أو أنث الصواع لأنه يذكر ويؤنث، ولعلّ يوسف كان يسميه سقاية وعبيده صواعاً، فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية، وفيما يتصل بهم منه صواعاً ﴿ كَذالِكَ كِدْنَا ﴾ مثل ذلك الكيد العظيم كدنا ﴿ لِيُوسُفَ ﴾ يعني علمناه إياه وأوحينا به إليه ﴿ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ ﴾ تفسير للكيد وبيان له، لأنه كان في دين ملك مصر، وما كان يحكم به في السارق أن يغرم مثلي ما أخذ، لا أن يلزم ويستعبد ﴿ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ ﴾ أي ما كان يأخذه إلا بمشيئة الله وإذنه فيه ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء ﴾ في العلم كما رفعنا درجة يوسف فيه. وقرىء :( يرفع ) بالياء. ودرجات بالتنوين ﴿ وَفَوْقَ كُلّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ فوقه أرفع درجة منه في علمه، أو فوق العلماء كلهم عليم هم دونه في العلم، وهو الله عز وعلا. فإن قلت : ما أذن الله فيه يجب أن يكون حسناً، فمن أي وجه حسن هذا الكيد ؟ وما هو إلا بهتان، وتسريق لمن لم يسرق، وتكذيب لمن لم يكذب، وهو قوله ﴿ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴾ ( يوسف : ٧٠ )، ﴿ فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ ﴾ ( يوسف : ٧٤ ) ؟ قلت : هو في صورة البهتان وليس ببهتان في الحقيقة ؛ لأنّ قوله :﴿ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴾ ( يوسف : ٧٠ ) تورية عما جرى مجرى السرقة من فعلهم بيوسف. وقيل : كان ذلك القول من المؤذن لا من يوسف، وقوله :﴿ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ ﴾ ( يوسف : ٧٤ ) فرض لانتفاء براءتهم. وفرض التكذيب لا يكون تكذيباً، على أنه لو صرَّح لهم بالتكذيب، كما صرّح