أحزنته بحمل القميص ملطوخاً بالدم إليه، فأفرّحه كما أحزنته، وقيل : حمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان، وبينهما مسيرة ثمانين فرسخاً.
! ٧ < ﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّى لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ * قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ * فَلَمَّآ أَن جَآءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٩٤ - ٩٦ ) ولما فصلت العير..... > > ﴿ فَصَلَتِ الْعِيرُ ﴾ خرجت من عريش مصر، يقال : فصل من البلد فصولاً، إذا انفصل منه وجاوز حيطانه. وقرأ ابن عباس :( فلما انفصل العير ) ﴿ قَالَ ﴾ لولد ولده ومن حوله من قومه :﴿ إِنّى لاجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ﴾ أوجده الله ريح القميص حين أقبل من مسيرة ثمان. والتفنيد : النسبة إلى الفند، وهو الخرف وإنكار العقل من هرم. يقال : شيخ مفند، ولا يقال عجوز مفندة ؛ لأنها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فتفند في كبرها. والمعنى : لولا تفنيدكم إياي لصدقتموني ﴿ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ﴾ لفي ذهابك عن الصواب قدما في إفراط محبتك ليوسف، ولهجك بذكره، ورجائك للقائه، وكان عندهم أنه قد مات ﴿ أَلْقَاهُ ﴾ طرح البشير القميص على وجه يعقوب. أو ألقاه يعقوب ﴿ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ﴾ فرجع بصيراً. يقال : ردّه فارتد، وارتده إذا ارتجعه ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ ﴾ يعني قوله ﴿ إِنّى لاجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ﴾ أو قوله :﴿ وَلاَ تَايْئَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ ﴾ ( يوسف : ٨٧ ) وقوله :﴿ إِنِي أَعْلَمُ ﴾ كلام مبتدأ لم يقع عليه القول، ولك أن توقعه عليه وتربد قوله :﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ( يوسف : ٨٦ ) وروي : أنه سأل البشير كيف يوسف ؟ فقال : هو ملك مصر : فقال : ما أصنع بالملك ؟ على أي دين تركته ؟ قال : على دين الإسلام. قال : الآن تمت النعمة.
! ٧ < ﴿ قَالُواْ ياأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٩٧ ) قالوا يا أبانا..... > > ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ﴾ قيل : أخر الاستغفار إلى وقت السحر. وقيل : إلى ليلة الجمعة ليتعمد به وقت الإجابة. وقيل : ليتعرّف حالهم. في صدق التوبة وإخلاصها. وقيل أراد الدوام على الاستغفار لهم. فقد روي أنه كان يستغفر لهم كل ليلة جمعة في نيف وعشرين سنة. وقيل : قام إلى الصلاة في وقت السحر، فلما فرغ رفع يديه وقال : اللهم اغفر لي جزعي على يوسف وقلة صبري عنه، واغفر لولدي ما أتوا إلى أخيهم، فأوحى إليه : إنّ الله قد غفر لك ولهم أجمعين. وروي أنهم قالوا له وقد علتهم الكآبة : ما يغني عنا

__________


الصفحة التالية
Icon