حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذالِكُمْ لاٌّ يَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } > ٧ !
﴿ < < الأنعام :( ٩٩ ) وهو الذي أنزل..... > > فَأَخْرَجْنَا بِهِ ﴾ بالماء ﴿ نَبَاتَ كُلّ شَىْء ﴾ نبت كل صنف من أصناف النامي، يعني أن السبب واحد وهو الماء. والمسببات صنوف مفتنة، كما قال :﴿ تَسْقِى * بِمَاء واحِدٍ وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الاْكُلِ ﴾ ( الرعد : ٤ ). ﴿ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ ﴾ من النبات ﴿ خُضْرًا ﴾ شيئاً غضاً أخضر. يقال خضر وخضر، كأعور وعور، وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبة ﴿ يَخْرُجُ مِنْهَا ﴾ من الخضر ﴿ حَبّاً مُّتَرَاكِباً ﴾ وهو السنبل. و ﴿ قِنْوانٌ ﴾ رفع الابتداء. و ﴿ مِنْ * النَّخْلِ ﴾ خبره. و ﴿ مِن طَلْعِهَا ﴾ بدل منه، كأنه قيل : وحاصلة من طلع النخل قنوان. ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة أخرجنا عليه تقديره ومخرجة من طلع النخل قنوان ومن قرأ يخرج منه حب متراكب، كان ﴿ قِنْوانٌ ﴾ عنده معطوفاً على حب. والقنوان : جمع قنو، ونظيره : صنو وصنوان. وقرىء : بضم القاف وبفتحها، على أنه اسم جمع كركب ؛ لأنّ فعلان ليس من زيادة التكسير ﴿ دَانِيَةٌ ﴾ سهلة المجتنى معرضة للقاطف، كالشيء الداني القريب المتناول ؛ ولأنّ النخلة وإن كانت صغيرة ينالها القاعد فإنها تأتي بالثمر لا تنتظر الطول. وقال الحسن : دانية قريب بعضها من بعض. وقيل : ذكر القريبة وترك ذكر البعيدة : لأنّ النعمة فيها أظهر وأدلّ بذكر القريبة على ذكر البعيدة، كقوله :﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾ ( النحل : ٨١ ) وقوله :﴿ وَجَنَّاتٍ مّنْ أَعْنَابٍ ﴾ فيه وجهان، أحدهما : أن يراد : وثم جنات من أعناب، أي مع النخل. والثاني : أن يعطف على ﴿ قِنْوانٌ ﴾ على معنى : وحاصلة، أو ومخرجة من النخل قنوان وجنات من أعناب، أي من نبات أعناب. وقرىء :( وجنات ) بالنصب عطفاً على ﴿ نَبَاتَ كُلّ شَىْء ﴾ أي : وأخرجنا به جنات من أعناب، وكذلك قوله :﴿ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ ﴾ والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص، كقوله :﴿ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَواةَ ﴾ ( النساء : ١٦٢ ) لفضل هذين الصنفين ﴿ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ﴾ يقال اشتبه الشيئان وتشابها، كقولك استويا وتساويا. والافتعال والتفاعل يشتركان كثيراً. وقرىء :( متشابهاً وغير متشابه ) وتقديره : والزيتون متشابهاً وغير متشابه، والرمّان كذلك كقوله :
كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدَيَّ بَرِيًّا
والمعنى : بعضه متشابهاً وبعضه غير متشابه، في القدر واللون والطعم. وذلك دليل على التعمد دون الإهمال ﴿ انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ﴾ إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلاً ضعيفاً لا يكاد ينتفع به. وانظروا إلى حال ينعه ونضجه كيف يعود شيئاً جامعاً لمنافع

__________


الصفحة التالية
Icon