رزق أهل مكة ووسعه عليهم ﴿ وَفَرِحُواْ ﴾ بما بسط لهم من الدنيا فرح بطر وأشر لافرح سرور بفضل الله وإنعامه عليهم، ولم يقابلوه بالشكر حتى يستوجبوا نعيم الآخرة، وخفي عليهم أن نعيم الدنيا في جنب نعيم الآخرة ليس إلا شيئاً نزرا يتمتع به كعجالة الراكب، وهو ما يتعجله من تميرات أو شربة سويق أو نحو ذلك.
! ٧ < ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ * الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَأابٍ ﴾ > ٧ !
< < الرعد :( ٢٧ ) ويقول الذين كفروا..... > > فإن قلت : كيف طابق قولهم ﴿ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مّن رَّبّهِ ﴾ قوله :﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء ﴾ ؟ قلت : هو كلام يجري مجرى التعجب من قولهم، وذلك أن الآيات الباهرة المتكاثرة التي أوتيها رسول الله ﷺ لم يؤتها نبيّ قبله، وكفى بالقرآن وحده آية وراء كل آية، فإذا جحدوها ولم يعتدّوا بها وجعلوه كأن آية لم تنزل عليه قط، كان موضعاً للتعجب والاستنكار، فكأنه قيل لهم : ما أعظم عنادكم وما أشد تصميمكم على كفركم : إن الله يضل من يشاء ممن كان على صفتكم من التصميم وشدّة الشكيمة في الكفر، فلا سبيل إلى اهتدائهم وإن أنزلت كل آية ﴿ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ ﴾ كان على خلاف صفتكم ﴿ أَنَابَ ﴾ أقبل إلى الحق، وحقيقته دخل في نوبة الخير، و ﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ بدل من ﴿ مَنْ أَنَابَ ﴾ ﴿ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق والاضطراب من خشيته، كقوله :﴿ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ ( الزمر : ٢٣ ) أو تطمئن بذكر دلائله الدالة على وحدانيته، أو تطمئن بالقرآن لأنه معجزة بينة تسكن القلوب وتثبت اليقين فيها ﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ مبتدأ، و ﴿ طُوبَى لَهُمْ ﴾ خبره. ويجوز أن يكون بدلاً من القلوب، على تقدير حذف المضاف، أي : تطمئن القلوب قلوب الذين آمنوا، وطوبى مصدر من طاب، كبشرى وزلفى، ومعنى ( طوبى لك ) أصبت خيراً وطيباً، ومحلها النصب أو الرفع، كقولك : طيباً لك، وطيب لك، وسلاماً لك، وسلام لك، والقراءة في قوله ( وحسن مآب ) بالرفع والنصب، تدلك على محليها. واللام في ﴿ لَهُمْ ﴾ للبيان مثلها في سقيا لك، والواو في طوبى منقلبة عن ياء لضمة ما قبلها، كموقن وموسر وقرأ مكوزة الأعرابي :( طيبى لهم )، فكسر الطاء لتسلم الياء، كما قيل : بيض ومعيشة.
! ٧ < ﴿ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِى أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَانِ قُلْ هُوَ رَبِّى لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾ > ٧ !
< < الرعد :( ٣٠ ) كذلك أرسلناك في..... > > ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ ﴾ مثل ذلك الإرسال أرسلناك، يعني : أرسلناك إرسالاً له شأن وفضل على سائر الإرسالات، ثم فسر كيف أرسله فقال :﴿ فِى أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ ﴾ أي

__________


الصفحة التالية
Icon