أو ضحكاً واستهزاء كمن غلبه الضحك فوضع يده على فيه. أو وأشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم ﴿ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ ﴾ أي هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره، إقناطاً لهم من التصديق. ألا ترى إلى قوله :﴿ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ ﴾ وهذا قول قوي. أو وضعوها على أفواههم يقولون للأنبياء : أطبقوا أفواهكم واسكتوا. أو ردّوها في أفواه الأنبياء يشيرون لهم إلى السكوت. أو وضعوها على أفواههم يسكتونهم ولا يذرونهم يتكلمون. وقيل : الأيدي، جمع يد وهي النعمة بمعنى الأيادي، أي : ردوا نعم الأنبياء التي هي أجل النعم من مواعظهم ونصائحهم وما أوحي إليهم من الشرائع والآيات في أفواههم، لأنهم إذا كذبوها ولم يقبلوها، فكأنهم ردوها في أفواههم ورجعوها منه على طريق المثل ﴿ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ ﴾ من الإيمان بالله. وقرىء :( تدعونا ) بإدغام النون ﴿ مُرِيبٍ ﴾ موقع في الريبة أو ذي ريبة، من أرابه، وأراب الرجل، وهي قلق النفس وأن لا تطمئن إلى الأمر.
! ٧ < ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ > ٧ !
< < إبراهيم :( ١٠ ) قالت رسلهم أفي..... > > ﴿ أَفِى اللَّهِ شَكٌّ ﴾ أدخلت همزة الإنكار على الظرف، لأن الكلام ليس في الشك، إنما هو في المشكوك فيه، وأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة وشهادتها عليه ﴿ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ أي يدعوكم إلى الإيمان ليغفر لكم أو يدعوكم لأجل المغفرة كقوله : دعوته لينصرني، ودعوته ليأكل معي، وقال :% ( دَعَوْتُ لِمَا نَابنِي مِسْوَرا % فَلَبَّى فَلَبَّى يَدَيْ مِسْوَرِ ) %
فإن قلت : ما معنى التبعيض في قوله : من ذنوبكم ؟ قلت : ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله :﴿ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ ( نوح : ٣ ٤ )، ﴿ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ياقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ اللَّهِ وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ﴾ ( الأحقاف : ٣١ ) وقال في خطاب المؤمنين :﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ ( الصف : ١٠ ) إلى أن قال ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ ( الصف : ١٢ ) وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد، وقيل : أريد أنه يغفر لهم ما

__________


الصفحة التالية
Icon