فالمعنى أن الأبصار لا تتعلق به ولا تدركه ؛ لأنه متعال أن يكون مبصراً في ذاته، لأن الأبصار إنما تتعلق بما كان في جهة أصلاً أو تابعاً، كالأجسام والهيآت ﴿ وَهُوَ يُدْرِكُ الاْبْصَارَ ﴾ وهو للطف إدراكه للمدركات يدرك تلك الجواهر اللطيفة التي لا يدركها مدرك ﴿ وَهُوَ اللَّطِيفُ ﴾ يلطف عن أن تدركه الأبصار ﴿ الْخَبِيرُ ﴾ بكل لطيف فهو يدرك الأبصار، لا تلطف عن إدراكه وهذا من باب اللطف.
! ٧ < ﴿ قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ > ٧ !
﴿ < < الأنعام :( ١٠٤ ) قد جاءكم بصائر..... > > قَدْ جَاءكُمْ بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ ﴾ هو وارد على لسان رسول الله ﷺ، لقوله :﴿ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ والبصيرة نور القلب الذي به يستبصر، كما أن البصر نور العين الذي به تبصر أي جاءكم من الوحي، والتنبيه على ما يجوز على الله وما لا يجوز ما هو للقلوب كالبصائر ﴿ فَمَنْ أَبْصَرَ ﴾ الحق وآمن ﴿ فَلِنَفْسِهِ ﴾ أبصر وإياها نفع ﴿ وَمَنْ عَمِىَ ﴾ عنه فعل نفسه عمى وإياها ضرَّ بالعمى ﴿ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ أحفظ أعمالكم وأجازيكم عليها، إنما أنا منذر والله هو الحفيظ عليكم.
! ٧ < ﴿ وَكَذالِكَ نُصَرِّفُ الاٌّ يَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ > ٧ { < الأنعام :( ١٠٥ ) وكذلك نصرف الآيات..... > >
﴿وَلِيَقُولُواْ ﴾ جوابه محذوف تقديره. وليقولوا درست تصرّفها. ومعنى ﴿ دَرَسْتَ ﴾ قرأت وتعلمت. وقرىء :( دارست ) أي دارست العلماء. ودرست بمعنى قدّمت هذه الآيات وعفت كما قالوا : أساطير الأولين، ودرست بضم الراء، مبالغة في درست، أي اشتد دروسها. ودرست على البناء للمفعول بمعنى قرئت أو عفيت. ودارست. وفسروها بدارست اليهود محمداً ﷺ، وجاز الإضمار ؛ لأن الشهرة بالدراسة كانت لليهود عندهم. ويجوز أن يكون الفعل للآيات، وهو لأهلها، أي دارس أهل الآيات وحملتها محمداً، وهم أهل الكتاب. ودرس أي درس محمد. ودارسات، على : هي دارسات، أي قديمات. أو ذات دروس، كعيشة راضية، فإن قلت : أي فرق بين اللامين في ﴿ لّيَقُولواْ ﴾، ﴿ وَلِنُبَيّنَهُ ﴾ ؟ قلت : الفرق بينهما أنّ الأول مجاز والثانية حقيقة، وذلك أن الآيات صرفت للتبيين ولم تصرف ليقولوا دارست، ولكن لأنه حصل هذا القول بتصريف الآيات كما حصل التبيين، شبه به فسيق مساقه. وقيل : ليقولوا كما قيل لنبينه : فإن قلت : إلام يرجع الضمير في قوله :﴿ وَلِنُبَيّنَهُ ﴾ ؟ قلت : إلى الآيات لأنها في معنى القرآن، كأنه قيل : وكذلك نصرف القرآن. أو إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر، لكونه معلوماً أو إلى التبيين الذي هو مصدر الفعل، كقولهم : ضربته زيداً. ويجوز أن يراد فيمن قرأ درست