وأمّا الشجرة الخبيثة فكل شجرة لا يطيب ثمرها كشجرة الحنظل والكشوت ونحو ذلك. وقوله :﴿ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الاْرْضِ ﴾ في مقابلة قوله :﴿ أَصْلُهَا ثَابِتٌ ﴾ ( إبراهيم : ٢٤ ) ومعنى ﴿ اجْتُثَّتْ ﴾ استؤصلت، وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة كلها ﴿ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ أي استقرار. يقال : قرّ الشيء قراراً، كقولك : ثبت ثباتاً شبه بها القول الذي لم يعضد بحجة، فهو داحض غير ثابت والذي لا يبقى إنما يضمحل عن قريب لبطلانه، من قولهم : الباطل لجلج. وعن قتادة أنه قيل لبعض العلماء : ما تقول في كلمة خبيثة ؟ فقال : ما أعلم لها في الأرض مستقراً، ولا في السماء مصعداً، إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها القيامة.
! ٧ < ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَفِى الاٌّ خِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ ﴾ > ٧ !
< < إبراهيم :( ٢٧ ) يثبت الله الذين..... > > ﴿ بالْقَوْلِ * الثَّابِتِ ﴾ الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه، فاعقتده واطمأنت إليه نفسه، وتثبيتهم به في الدنيا : أنهم إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا، كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود، والذين نشروا بالمناشير ومشطت لحومهم بأمشاط الحديد، وكما ثبت جرجيس وشمسون وغيرهما. وتثبيتهم في الآخرة. أنهم إذا سئلوا عند تواقف الأشهاد عن معتقدهم ودينهم، لم يتلعثموا ولم يبهتوا، ولم تحيرهم أهوال الحشر. وقيل معناه الثبات عند سؤال القبر. وعن البراء ابن عازب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ :
( ٥٧٢ ) ذكر قبض روح المؤمن فقال ( ثم يعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره ويقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) ﴿ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ﴾ الذين لم يتمسكوا بحجة في دينهم، وإنما اقتصروا على تقليد كبارهم وشيوخهم، كما قلد المشركون آباءهم فقالوا :{ بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا

__________


الصفحة التالية
Icon