عَلَيْهِ الذّكْرُ } ولذلك قال : إنا نحن، فأكد عليهم أنه هو المنزل على القطع والبتات، وأنه هو الذي بعث به جبريل إلى محمد ﷺ وبين يديه ومن خلفه رصد، حتى نزل وبلغ محفوظاً من الشياطين وهو حافظه في كل وقت من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبدبل، بخلاف الكتب المتقدمة ؛ فإنه لم يتول حفظها. وإنما استحفظها الربانيين والأحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيا فكان التحريف ولم يكل القرآن إلى غير حفظه. فإن قلت : فحين كان قوله ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ ﴾ رداً لإنكارهم واستهزائهم، فكيف اتصل بقوله ﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ ؟ قلت : قد جعل ذلك دليلاً على أنه منزل من عنده آية ؛ لأنه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرق عليه الزيادة والنقصان كما يتطرق على كل كلام سواه. وقيل : الضمير في ﴿ لَهُ ﴾ لرسول الله ﷺ كقوله تعالى ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ ﴾ ( المائدة : ٦٧ ).
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى شِيَعِ الاٌّ وَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ > ٧ !
< < الحجر :( ١٠ - ١١ ) ولقد أرسلنا من..... > > ﴿ فِى شِيَعِ الاْوَّلِينَ ﴾ في فرقهم وطوائفهم. والشيعة : الفرقة إذا اتفقوا على مذهب وطريقة. ومعنى ارسلناه فيهم : نبأناه فيهم وجعلناه رسولاً فيما بينهم ﴿ وَمَا يَأْتِيهِم ﴾ حكاية حال ماضية، لأنّ ( ما ) لا تدخل على مضارع إلا وهو في معنى الحال، ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال.
! ٧ < ﴿ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِى قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الاٌّ وَّلِينَ ﴾ > ٧ !
< < الحجر :( ١٢ ) كذلك نسلكه في..... > > يقال : سلكت الخيط في الإبرة، وأسلكته إذا أدخلته فيها ونظمته. وقرىء :( نسلكه )، والضمير للذكر، أي : مثل ذلك السلك، ونحوه : نسلك الذكر في ﴿ قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ على معنى أنه يلقيه في قلوبهم مكذباً مستهزءاً به غير مقبول، كما لو أنزلت بلئيم حاجة

__________


الصفحة التالية
Icon