وأنه نبيّ مبعوث، فهم الذين قالوا خيراً. وقوله :﴿ لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ﴾ وما بعده بدل من خيراً، حكاية لقوله :﴿ لّلَّذِينَ اتَّقَواْ ﴾ أي : قالوا هذا القول، فقدّم عليه تسميته خيراً ثم حكاه. ويجوز أن يكون كلاماً مبتدأ عدة للقائلين، ويجعل قولهم من جملة إحسانهم وبحمدوا عليه ﴿ حَسَنَةٌ ﴾ مكافأة في الدنيا بإحسانهم، ولهم في الآخرة ما هو خير منها، كقوله ﴿ فَاتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الاْخِرَةِ ﴾ ( آل عمران : ١٤٨ ) ﴿ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ دار الآخرة، فحذف المخصوص بالمدح لتقدّم ذكره. و ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يكون المخصوص بالمدح ﴿ طَيّبِينَ ﴾ طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي. لأنه في مقابلة ظالمي أنفسهم ﴿ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ﴾ قيل : إذا أشرف العبد المؤمن على الموت جاءه ملك فقال : السلام عليك يا وليّ الله، الله يقرأ عليك السلام، وبشره بالجنة.
! ٧ < ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلاكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٣٣ - ٣٤ ) هل ينظرون إلا..... > > ﴿ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ ﴾ قرىء بالتاء والياء، يعني : أن تأتيهم لقبض الأرواح. و ﴿ أَمْرُ رَبّكَ ﴾ العذاب المستأصل، أو القيامة ﴿ كَذالِكَ ﴾ أي مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب ﴿ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ ﴾ بتدميرهم ﴿ وَلَاكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ لأنهم فعلوا ما استوجبوا به التدمير ﴿ سَيّئَاتُ مَا * عَلِمُواْ ﴾ جزاء سيئات أعمالهم. أو هم كقوله ﴿ وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا ﴾ ( الشورى : ٤٠ ).
! ٧ < ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْءٍ نَّحْنُ وَلا ءَابَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْءٍ كَذالِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٣٥ ) وقال الذين أشركوا..... > > هذا من جملة ما عدّد من أصناف كفرهم وعنادهم، من شركهم بالله وإنكار وحدانيته بعد قيام الحجج وإنكار البعث واستعجاله، استهزاء منهم به وتكذيبهم الرسول، وشقاقهم، واستكبارهم عن قبول الحق، يعني : أنهم أشركوا بالله وحرّموا ما أحل الله، من البحيرة والسائبة وغيرهما، ثم نسبوا فعلهم إلى الله وقالوا : لو شاء لم نفعل، وهذا مذهب المجبرة بعينه ﴿ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي أشركوا وحرموا حلال الله فلما نبهوا على قبح

__________


الصفحة التالية
Icon