أرسلنا إلا رجالاً بالبينات، كقولك : ما ضربت إلا زيداً بالسوط ؛ لأن أصله : ضربت زيداً بالسوط وإما برجالا، صفة له : أي رجالاً ملتبسين بالبينات. وإما بأرسلنا مضمراً، كأنما قيل : بما أرسلوا : ففلت بالبينات، فهو على كلامين، والأوّل على كلام واحد، وإما بيوحي، أي : يوحي إليهم بالبينات. وإما بلا تعلمون، على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام، كقول الأجير : إن كنت عملت لك فأعطني حقي. وقوله :﴿ فَاسْئَلُواْ أَهْلَ الذّكْرِ ﴾ اعتراض على الوجوه المتقدّمة، وأهل الذكر : أهل الكتاب. وقيل للكتاب الذكر ؛ لأنه موعظة وتنبيه للغافلين ﴿ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ يعني ما نزل الله إليهم في الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا وأوعدوا ﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ وإرادة أن يصغوا إلى تنبيهاته فيتنبهوا ويتأملوا.
! ٧ < ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الاٌّ رْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٤٥ - ٤٧ ) أفأمن الذين مكروا..... > > ﴿ مَكَرُواْ السَّيّئَاتِ ﴾ أي المكرات السيئات، وهم أهل مكة، وما مكروا به رسول الله ﷺ ﴿ فِى تَقَلُّبِهِمْ ﴾ متقلبين في مسايرهم ومتاجرهم وأسباب دنياهم ﴿ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ متخوفين، وهو أن يهلك قوماً قبلهم فيتخوّفوا فيأخذهم بالعذاب وهم متخوفون متوقعون، وهو خلاف قوله ﴿ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ وقيل : هو من قولك : تخوفنه وتخونته، إذا تنقصته قال زهير :% ( تَخَوَّفَ الرَّحْلُ مِنْهَا تَامِكاً قَرِدا % كَمَا تَخَوَّفَ عُودَ النّبْعةِ السَّفَنُ ) %
أي يأخذهم على أن يتنقصهم شيئاً بعد شيء في أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا. وعن عمر رضي الله عنه. أنه قال على المنبر : ما تقولون فيها ؟ فسكتوا فقام شيخ من هذيل فقال : هذه لغتنا : التخوّف التنقص. قال : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال : نعم، قال شاعرنا. وأنشد البيت. فقال عمر : أيها الناس، عليكم بديوانكم لا يضل. قالوا : وما ديواننا ؟ قال : شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ﴿ فَإِنَّ رَبَّكُمْ * لَرَءوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ حيث يحلم عنكم، ولا يعاجلكم مع استحقاقكم.
! ٧ < ﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَىْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٤٨ ) أو لم يروا..... > > قرىء :( أو لم يروا ) و ( يتفيؤا ) بالياء والتاء. و ﴿ مَا ﴾ موصولة بخلق الله، وهو مبهم

__________


الصفحة التالية
Icon