هو صالح للعقلاء وغيرهم، إرادة العموم ﴿ يَخَافُونَ ﴾ يجوز أن يكون حالاً من الضمير في ﴿ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ أي : لا يستكبرون خائفين، وأن يكون بياناً لنفي الاستكبار وتأكيداً له، لأنّ من خاف الله لم يستبكر عن عبادته ﴿ مّن فَوْقِهِمْ ﴾ إن علقته بيخافون، فمعناه : يخافونه أن يرسل عليهم عذاباً من فوقهم، وإن علقته بربهم حالا منه فمعناه : يخافون ربهم عالياً لهم قاهراً، كقوله ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ ( الأنعام : ١٨، ٦١ )، ﴿ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾ ( الأعراف : ١٢٧ ) وفيه دليل على أنّ الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي والوعد والوعيد كسائر المكلفين، وأنهم بين الخوف والرجاء.
! ٧ < ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلاهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلاهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٥١ ) وقال الله لا..... > > فإن قلت : إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والاثنين، فقالوا عندي رجال ثلاثة وأفراس أربعة ؛ لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص. وأما رجل ورجلان وفرس وفرسان، فمعدودان فيهما دلالة على العدد، فلا حاجة إلى أن يقال : رجل واحد ورجلان اثنان، فما وجه قوله إلهين اثنين ؟ قلت : الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين : على الجنسية والعدد المخصوص، فإذا أريدت الدلالة على أنّ المعنىّ به منهما، والذي يساق إليه الحديث هو العدد شفع بما يؤكده، فدل به على القصد إليه والعناية به. ألا ترى أنك لو قلت : إنما هو إله، ولم تؤكده بواحد : لم يحسن، وخيل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية ﴿ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ نقل للكلام عن الغيبة إلى التكلم، وجاز لأنّ الغالب هو المتكلم، وهو من طريقة الالتفات، وهو أبلغ في الترهيب من قوله : وإياه فارهبوه، ومن أن يجيء ما قبله على لفظ المتكلم.
! ٧ < ﴿ وَلَهُ مَا فِى الْسَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٥٢ ) وله ما في..... > > ﴿الدّينِ ﴾ الطاعة ﴿ وَاصِبًا ﴾ حال عمل فيه الظرف. والواصب : الواجب الثابت ؛ لأنّ كل نعمة منه فالطاعة واجبة له على كل منعم عليه. ويجوز أن يكون من الوصب، أي : وله الدين ذا كلفة ومشقة، ولذلك سمي تكليفاً. أو : وله الجزاء ثابتاً دائماً سرمداً لا يزول، يعني الثواب والعقاب.

__________


الصفحة التالية
Icon