﴿ شَهِيداً ﴾ نبيهاً يشهد لهم وعليهم بالإيمان والتصديق، والكفر والتكذيب ﴿ ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ في الاعتذار. والمعنى لا حجة لهم، فدل بترك الإذن على أن لا حجة لهم ولا عذر، وكذا عن الحسن ﴿ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ ولا هم يسترضون، أي : لا يقال لهم أرضوا ربكم ؛ لأن الآخرة ليست بدار عمل. فإن قلت : فما معنى ثم هذه ؟ قلت : معناها أنهم يمنون بعد شهادة الأنبياء بما هو أطم منها، وهو أنهم يمنعون الكلام فلا يؤذن لهم في إلقاء معذرة ولا إدلاء بحجة. وانتصاب اليوم بمحذوف تقديره : واذكر يوم نبعث، أو يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه، وكذلك إذا رأوا العذاب بغتهم وثقل عليهم ﴿ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾ كقوله ﴿ بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ ﴾ ( الأنبياء : ٤٠ ) الآية.
! ٧ < ﴿ وَإِذَا رَءَا الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَاؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ * وَأَلْقَوْاْ إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٨٦ ) وإذا رأى الذين..... > > إن أرادوا بالشركاء آلهتهم، فمعنى ﴿ شُرَكَآؤُنَا ﴾ آلهتنا التي دعوناها شركاء. وإن أرادوا الشياطين، فلأنهم شركاؤهم في الكفر وقرناؤهم في الغيّ : و ﴿ * ندعو ﴾ بمعنى نعبد. فإن قلت : لم قالوا :﴿ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ وكانوا يعبدونهم على الصحة ؟ قلت : لما كانوا غير راضين بعبادتهم فكأن عبادتهم لم تكن عبادة. والدليل عليه قول الملائكة ﴿ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ﴾ ( سبأ : ٤١ ) يعنون أن الجن كانوا راضين بعبادتهم لا نحن، فهم المعبودون دوننا. أو كذبوهم في تسميتهم شركاء وآلهة تنزيها لله من الشريك. وإن أريد بالشركاء الشياطين، جاز أن يكون ( كاذبين ) في قولهم ﴿ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ كما يقول الشيطان : إني كفرت بما أشركتموني من قبل ﴿ وَأَلْقَوْاْ ﴾ يعني الذين ظلموا. وإلقاء السلم : الاستسلام لأمر الله وحكمه بعد الإباء والاستكبار في الدنيا ﴿ وَضَلَّ عَنْهُم ﴾ وبطل عنهم ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ من أن لله شركاء، وأنهم ينصرونهم ويشفعون لهم حين كذبوهم وتبرؤا منهم.
! ٧ < ﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ﴾ > ٧ !
< < النحل :( ٨٨ ) الذين كفروا وصدوا..... > > ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ في أنفسهم، وحملوا غيرهم على الكفر : يضاعف الله عقابهم كما ضاعفوا كفرهم. وقيل في زيادة عذابهم حيات أمثال البخت وعقارب أمثال البغال تلسع إحداهن اللسعة فيجد صاحبها حمتها أربعين خريفاً. وقيل : يخرجون من النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة برده إلى النار ﴿ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ﴾ بكونهم مفسدين الناس بصدّهم عن سبيل الله.
! ٧ < { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَاؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ

__________


الصفحة التالية
Icon