يريد الشمس والقمر. فمحونا آية الليل : أي جعلنا الليل ممحوّ الضوء مطموسه مظلماً، لا يستبان فيه شيء كما لا يستبان ما في اللوح الممحوّ، وجعلنا النهار مبصراً أي تبصر فيه الأشياء وتستبان. أو فمحونا آية الليل التي هي القمر حيث لم يخلق لها شعاعاً كشعاع الشمس، فترى به الأشياء رؤية بينة، وجعلنا الشمس ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شيء ﴿ لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ ﴾ لتتوصلوا ببياض النهار إلى استبانة أعمالكم والتصرف في معايشكم ﴿ وَلِتَعْلَمُواْ ﴾ باختلاف الجديدين ﴿ عَدَدَ السّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ جنس ﴿ الْحِسَابِ ﴾ وما يحتاجون إليه منه ولولا ذلك لما علم أحد حسبان الأوقات، ولتعطلت الأمور ﴿ وَكُلَّ شىْء ﴾ مما تفتقرون إليه في دينكم ودنياكم ﴿ فَصَّلْنَاهُ ﴾ بيناه بياناً غير ملتبس، فأزحنا عللكم، وما تركنا لكم حجة علينا.
! ٧ < ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ > ٧ !
< < الإسراء :( ١٣ ) وكل إنسان ألزمناه..... > > ﴿طَئِرَهُ ﴾ عمله وقد حققنا القول فيه في سورة النمل. وعن ابن عيينة : هو من قولك : طار له سهم، إذا خرج، يعني : ألزمناه ما طار من عمله. والمعنى أنّ عمله لازم له لزوم القلادة أو الغل لا يفك عنه، ومنه مثل العرب : تقلدها طوق الحمامة. وقولهم : الموت في الرقاب. وهذا وبقة في رقبته. عن الحسن : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة إذا بعثت قلدتها في عنقك. وقرىء :( في عنقه ) بسكون النون. وقرىء :( نخرج ) بالنون. ( ويخرج ) بالياء، والضمير لله عز وجل ( ويخرج )، على البناء للمفعول. ويخرج من خرج، والضمير للطائر. أي : يخرج الطائر كتاباً، وانتصاب ﴿ كِتَاباً ﴾ على الحال. وقرىء :( يلقاه )، بالتشديد مبنيا للمفعول. و ﴿ يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ﴾ صفتان للكتاب. أو ﴿ يَلْقَاهُ ﴾ صفة و ﴿ مَنْشُوراً ﴾ حالٌ من يلقاه ﴿ اقْرَأْ ﴾ على إرادة القول. وعن قتادة : يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئاً. و ﴿ بِنَفْسِكَ ﴾ فاعل كفى. ﴿ حَسِيباً ﴾ تمييز وهو بمعنى حاسب كضريب القداح بمعنى ضاربها وصريم بمعنى صارم ذكرهما سيبويه. وعلى متعلق به من قولك حسب عليه كذا. ويجوز أن يكون بمعنى الكافي وضع موضع الشهيد فعدّي بعلى لأنّ الشاهد يكفي المدعي ما أهمه. فإن قلت : لم ذكر حسيباً ؟ قلت : لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير ؛ لأنّ الغالب أنّ هذه الأمور يتولاها الرجال، فكأنه قيل : كفى بنفسك رجلاً حسيباً. ويجوز أن يتأوّل النفس بالشخص، كما يقال : ثلاثة أنفس. وكان الحسن إذا قرأها قال : يا ابن آدم، أنصفك والله من جعلك حسيب نفسك.
! ٧ < ﴿ مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ > ٧ { < الإسراء :( ١٥ ) من اهتدى فإنما..... > >