إلى الجود على معنى : واخفض لهما جناحك الذليل أو الذلول. والثاني : أن تجعل لذله أو لذله لهما جناحاً خفيضاً، كما جعل لبيد للشمال يداً، وللقرة زماماً، مبالغة في التذلل والتواضع لهما ﴿ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ من فرط رحمتك لهما وعطفك عليهما، لكبرهما وافتقارهما اليوم إلى من كان أفقر خلق الله إليهما بالأمس، ولا تكتف برحمتك عليهم التي لا بقاء لها وادع الله بأن يرحمهما رحمته الباقية، واجعل ذلك جزاء لرحمتهما عليك في صغرك وتربيتهما لك. فإن قلت : الاسترحام لهما إنما يصح إذا كانا مسلمين. قلت : وإذا كانا كافرين فله أن يسترحم لهما بشرط الإيمان، وأن يدعو الله لهما بالهداية والارشاد، ومن الناس من قال : كان الدعاء للكفار جائزاً ثم نسخ. وسئل ابن عيينة، عن الصدقة عن الميت فقال : كل ذلك واصل إليه، ولا شيء أنفع له من الاستغفار، ولو كان شيء أفضل منه لأمركم به في الأبوين. ولقد كرّر الله سبحانه في كتابه الوصية بالوالدين. وعن النبيّ ﷺ :
( ٦٠٧ ) ( رضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما ) وروي :
( ٦٠٨ ) ( يفعل البارّ ما يشاء أن يفعل فلن يدخل النار، ويفعل العاق ما يشاء أن يفعل فلن يدخل الجنة ) وروي سعيد بن المسيب : إنّ البارّ لا يموت ميتة سوء.
( ٦٠٩ ) وقال رجل لرسول الله ﷺ : إنّ أبويّ بلغا من الكبر أني ألي منهما ماولياً مني في الصغر، فهل قضيتهما ؟ قال : لا، فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك،

__________


الصفحة التالية
Icon