وإن أعرضت عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل حياء من الردّ ﴿ فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا ﴾ فلا تتركهم غير مجابين إذا سألوك.
( ٦١٦ ) وكان النبي ﷺ إذا سئل شيئاً وليس عنده أعرض عن السائل وسكت حياء. قوله ﴿ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مّن رَّبّكَ ﴾ إمّا أن يتعلق بجواب الشرط مقدّماً عليه، أي : فقل لهم قولاً سهلاً ليناً وعدهم وعداً جميلاً، رحمة لهم وتطييباً لقلوبهم، ابتغاء رحمة من ربك، أي : ابتغ رحمة الله التي ترجوها برحمتك عليهم. وإما أن يتعلق بالشرط، أي : وإن أعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجو أن يفتح لك، فسمى الرزق رحمة، فردّهم ردّاً جميلاً، فوضع الابتغاء موضع الفقد ؛ لأنّ فاقد الرزق مبتغ له، فكان الفقد سبب الابتغاء والابتغاء مسبباً عنه، فوضع المسبب موضع السبب. ويجوز أن يكون معنى ﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ﴾ وإن لم تنفعهم ولم ترفع خصاصتهم لعدم الاستطاعة، ولا يريد الإعراض بالوجه كناية بالإعراض عن ذلك ؛ لأن من أبى أن يعطى : أعرض بوجهه. يقال : يسر الأمر وعسر، مثل سعد الرجل ونحس فهو مفعول. وقيل معناه : فقل لهم رزقنا الله وإياكم من فضله، على أنه دعاء لهم ييسر عليهم فقرهم، كأن معناه : قولاً ذا ميسور، وهو اليسر، أي : دعاء فيه يسر.
! ٧ < ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُوراً ﴾ > ٧ !
< < الإسراء :( ٢٩ ) ولا تجعل يدك..... > > هذا تمثيلٌ لمنع الشحيح وإعطاء المسرف، وأمرٌ بالاقتصاد الذي هو بين الاسراف والتقتير ﴿ فَتَقْعُدَ مَلُومًا ﴾ فتصير ملوماً عند الله، لأنّ المسرف غير مرضي عنده وعند الناس، يقول المحتاج : أعطى فلاناً وحرمني. ويقول المستغني : ما يحسن تدبير أمر المعيشة. وعند نفسك : إذا احتجت فندمت على ما فعلت ﴿ مَّحْسُوراً ﴾ منقطعاً بك لا شيء عندك، من حسره السفر إذا بلغ منه وحسره بالمسألة. وعن جابر :
( ٦١٧ ) بينا رسول الله ﷺ جالس أتاه صبي فقال : إنّ أمي تستكسيك درعاً، فقال من ساعة إلى ساعة يظهر، فعد إلينا، فذهب إلى أمّه فقالت له قل له : إن أمي تستكسيك الدرع الذي عليك، فدخل داره ونزع قميصه وأعطاه وقعد عرياناً، وأذن بلال وانتظروا فلم