ليقع بينهم المشارّة والمشاقة ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ﴾ أي رباً موكولاً إليك أمرهم تقسرهم على الإسلام وتجبرهم عليه، وإنما أرسلناك بشيراً ونذيراً فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المحاقة والمكاشفة، وذلك قبل نزول آية السيف. وقيل : نزلت في عمر رضي الله عنه : شتمه رجل فأمره الله بالعفو. وقيل : أفرط إيذاء المشركين للمسلمين فشكوا إلى رسول الله ﷺ فنزلت. وقيل : الكلمة التي هي أحسن : أن يقولوا يهديكم الله، يرحمكم الله. وقرأ طلحة :( ينزغ ) بالكسر وهما لغتان، نحو يعرشون ويعرشون.
! ٧ < ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَءَاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ > ٧ !
< < الإسراء :( ٥٥ ) وربك أعلم بمن..... > > هو ردّ على أهل مكة في إنكارهم واستبعادهم أن يكون يتيم أبي طالب نبياً، وأن تكون العراة الجوّع أصحابه، كصهيب وبلال وخباب وغيرهم، دون أن يكون ذلك في بعض أكابرهم وصناديدهم، يعني : وربك أعلم بمن في السموات والأرض وبأحوالهم ومقاديرهم وبما يستأهل كل واحد منهم، وقوله ﴿ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيّينَ عَلَى بَعْضٍ ﴾ إشارة إلى تفضيل رسول الله ﷺ وقوله ﴿ وَءاتَيْنَا * دَاوُودُ * زَبُوراً ﴾ دلالة على وجه تفضيله، وهو أنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم ؛ لأنّ ذلك مكتوب في زبور داود. قال الله تعالى ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذّكْرِ أَنَّ الاْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ ﴾ ( الأنبياء : ١٠٥ ) وهم محمد وأمته. فإن قلت : هلا عرّف الزبور كما عرّف في قوله ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ ﴾ ( الأنبياء : ١٠٥ ) قلت : يجوز أن يكون الزبور وزبور كالعباس وعباس، والفضل وفضل، وأن يريد : وآتينا داود بعض الزُبر وهي الكتب، وأن يريد ما ذكر فيه رسول الله ﷺ من الزبور، فمسى ذلك زبوراً، لأنه بعض الزبور كما سمى بعض القرآن قرآناً.
! ٧ < ﴿ قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَائِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ > ٧ !
< < الإسراء :( ٥٦ - ٥٧ ) قل ادعوا الذين..... > > ﴿قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِه﴾ هم الملائكة، وقيل : عيسى ابن مريم، وعزير، وقيل نفر من الجن، عبدهم ناس من العرب ثم أسلم الجن ولم يشعروا، أي : ادعوهم فهم لا يستطيعون أن يكشفوا عنكم الضر من مرض أو فقر أو عذاب، ولا أن يحولوه من واحد إلى آخر أو يبدلوه. و ﴿ أُولَائِكَ ﴾ مبتدأ، و ﴿ الَّذِينَ يَدْعُونَ ﴾ صفته، و ﴿ يَبْتَغُونَ ﴾ خبره، يعني : أن آلهتهم أولئك يبتغون الوسيلة وهي القربة إلى الله تعالى. و ﴿ أَيُّهُم ﴾ بدل من واو يبتغون، وأي موصولة، أي : يبتعي من هو أقرب منهم وأزلف الوسيلة إلى الله، فكيف بغير الأقرب. أو ضمن يبتغون الوسيلة معنى يحرصون، فكأنه قيل : يحرصون أيهم يكون أقرب إلى الله، وذلك بالطاعة وازدياد الخير والصلاح، ويرجون، ويخافون، كما غيرهم من عباد

__________


الصفحة التالية
Icon