أو : هنالك السلطان والملك لله لا يغلب ولا يمتنع منه. أو في مثل تلك الحال الشديدة يتولى الله ويؤمن به كل مضطرّ. يعني أنّ قوله ﴿ وَيَقُولُ يالَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبّى أَحَدًا ﴾ ( الكهف : ٤٢ ) كلمة ألجيء إليها فقالها جزعاً مما دهاه من شؤم كفره، ولولا ذلك لم يقلها. ويجوز أن يكون المعنى : هالك الولاية لله ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة وينتقم لهم، ويشفي صدورهم من أعدائهم، يعني : أنه نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن، وصدّق قوله :﴿ عَسَى رَبّى أَن * يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء ﴾ ( الكهف : ٤٠ ) ويعضده قوله ﴿ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ أي لأوليائه وقيل ﴿ هُنَالِكَ ﴾ إشارة إلى الآخرة أي في تلك الدار الولاية لله، كقوله ﴿ لّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ﴾ ( غافر : ١٦ ) وقرىء :( الحق ) بالرفع والجرّ صفة للولاية والله. وقرأ عمرو بن عبيد بالنصب على التأكيد، كقولك : هذا عبد الله الحق لا الباطل، وهي قراءة حسنة فصيحة، وكان عمرو بن عبيد من أفصح الناس وأنصحهم. وقرىء ( عقباً ) بضم القاف وسكونها، وعقبى على فعلى، وكلها بمعنى العاقبة.
! ٧ < ﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاٌّ رْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقْتَدِرًا ﴾ > ٧ !
< < الكهف :( ٤٥ ) واضرب لهم مثل..... > > ﴿ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاْرْضِ ﴾ فالتفّ بسببه وتكاثف حتى خالط بعضه بعضاً. وقيل : نجع في النبات الماء فاختلط به حتى روى ورف رفيفاً، وكان حق اللفظ على هذا التفسير : فاختلط بنبات الأرض. ووجه صحته أن كل مختلطين موصوف كل واحد منهما بصفة صاحبه. والهشيم : ما تهشم وتحطم، الواحدة هشيمة. وقرىء ( تذروه الريح ) وعن ابن عباس : تذريه الرياح، من أذرى : شبه حال الدنيا في نضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء، بحال النبات يكون أخضر وارفاً ثم يهيج فتطيره الرياح كأن لم يكن ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلّ شَىْء ﴾ من الإنشاء والإفناء ﴿ مُّقْتَدِرًا ﴾.

__________


الصفحة التالية
Icon