تعنتاً وعناداً للحق بعد ظهوره ﴿ قُضِىَ الاْمْرُ ﴾ لقضي أمر هلاكهم ﴿ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ ﴾ بعد نزوله طرفة عين، إما لأنهم إذا عاينوا الملك قد نزل على رسول الله ﷺ في صورته وهي آية لا شيء أبين منها وأيقن ثم لا يؤمنون كما قال ﴿ وَلَوْ أَنزَلْنَا * إِلَيْهِمُ الْمَلَئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى ﴾ ( الأنعام : ١١١ ) لم يكن بدّ من إهلاكهم كما أهلك أصحاب المائدة، وإما لأنه يزول الاختيار الذي هو قاعدة التكليف عند نزول الملائكة، فيجب إهلاكهم. وإما لأنهم إذا شاهدوا ملكاً في صورته زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون ومعنى ﴿ ثُمَّ ﴾ بعد ما بين الأمرين : قضاء الأمر، وعدم الإنظار. جعل عدم الإنظار أشدّ من قضاء الأمر، لأنّ مفاجأة الشدّة أشدّ من نفس الشدّة ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً ﴾ ولو جعلنا الرسول ملكاً كما اقترحوا لأنهم كانوا يقولون : لولا أنزل على محمد ملك. وتارة يقولون :﴿ مَا هَاذَا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ ﴾ ( المؤمنون : ٣٣ )، ﴿ وَلَوْ شَاء * رَبُّنَا لاَنزَلَ مَلَائِكَةً ﴾ ( فصلت : ١٤ ) ﴿ لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً ﴾ لأرسلناه في صورة رجل، كما.
كان ينزل جبريل على رسول الله ﷺ في أعم الأحوال في صورة دحية لأنهم لا يبقون مع رؤية الملائكة في صورهم ﴿ وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم ﴾ ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حينئذ، فإنهم يقولون : إذا رأوا الملك في صورة إنسان : هذا إنسان وليس

__________


الصفحة التالية
Icon